الجمعة، 13 ديسمبر 2013

لماذا أصبحت ملحد - كل الخيارات لله ولا خيار للإنسان

::
هذه رسالة أخرى استلمتها مؤخراً، أضيفها إلى سلسلة مقالات لماذا أصحبت ملحد/ة. مع خالص شكري وتقديري لكاتبتها الأخت العزيزة نور من سوريا.

عزيزي بصيص

من بعد شكري لك على مدونتك الجميلة وعلى مشاركتك لنا بأفكارك التي طالما أعجبتني، أريد اليوم أن أحكي لقرائك الأعزاء عن مقطع صغير فقط من قصة إلحادي التي بدأت منذ حوالي 11 عاماً حين كنت في السادسة عشر من عمري، ولم تنته إلا منذ سنتين حين أصبحت أخيراً ملحدة سعيدة وراضية بعد أن ارتاحت هواجسي وشكوكي وتصالحت مع وجودي القصير والمعجز في هذا الكون الجميل.

قبل أن أشكك في دين الإسلام، وقبل أن أخطو أولى خطواتي في رحلة البحث عن أديان أخرى أكثر إنسانية وعقلانية، وقبل حتى أن أتمكن من الفصل بين فكرة (الدين) وفكرة (الإله)، لطالما روادتني شكوك بشأن الجدلية التالية.

الله يكتب أقدارنا .. هو اختار لي البلد الذي سأولد فيه، الزمن الذي سأقضيه على الأرض، الأم والأب اللذان سينجباني، وهو سيرسل لي عباده الصالحين ليساعدوني والطالحين ليكونوا أدواته في امتحاني، أدعوه فيستجب لي عن طريق تيسير القضية الفلانية أو تعسيرها، يده الخفية تمتد لتصحيح بعض المسارات أحياناً وحين يشاء، حيث كل شيئ في حياتنا لا يحدث إلا (إن شاء الله) فهو الذي (لا حول ولا قوة إلا به) ومشيئته الحكيمة تطغى على كل خططنا التافهة الضئيلة: أنت تشاء وأنا أشاء والله يفعل مايشاء.

يرسل ملائكته في اللحظة التي يختارها ليصورنا في الأرحام، ويرسل ملائكة أخرى ليقبض أرواحنا .. وهو يعلم مافي الأرحام ويعرف حتى بأدق تفاصيل الأمراض الوراثية التي نولد بها ونحملها، فهو من دفع تلك النطفة المحظوظة لتتم علمية التلقيح ويكتمل (خلق) الإنسان الذي اختاره ليمر في اختبار الحياة.

إذاً من أين تأتي اختباراتنا؟

فكرت قليلاً في مصادر الإرادة (الحرة) التي نملكها، فكل منا يتخذ قراراته واختباراته بناء على نتائج معادلات وظروف معينة، بعضها ذات مصدر خارجي: في أي مكان وزمان يعيش؟ كم يملك من النقود؟ ماهي ظروفه العائلية والمهنية؟ ..... إلخ.

مثال: قد يتعاطى أحدنا المخدرات لمجرد أنه ولد في حيّ تتوفر به المخدرات بشكل كبير.
مثال ثاني: قد يعيش أحدنا جزاً كبيراً من حياته في حالة كآبة تؤثر على جميع قراراته، بسبب حدوث حرب في بلده وتعرضه لمشاهد مؤلمة دمرته نفسياً.

تلك بعض المصادر الخارجية التي تؤثر بنسبة كبيرة على قيامنا بأعمال الخير أو الشر .. وهناك مصادر خارجية أخرى تؤثر على تلك القرارات ومنها: الأهل والتربية التي كونت شخصية الإنسان منذ طفولته. هل رباك أبوك على أن السرقة شطارة؟ هل علمتك أمك أن النظافة أولوية؟ هل ضربك أبوك طيلة طفولتك حتى ترسخ في ذهنك أن الضرب طريقة سليمة للتربية؟ هل عانيت من طلاق أبويك حتى آمنت أن الحب خرافة؟ هل أجبرك أبوك على تكوين شخصية مستقلة أم عشت بسبب دلاله حياة اتكالية كسولة؟ هل تدخن لأنك عشت في منزل مليئ بالمدخنين؟

كل تلك العوامل تتراكم بالتدريج لتصنع ما يسمى بـ شخصية الإنسان، وهي الكيان الخفي الحقيقي الذي يتخذ قراراته التي يظن هو أنها حرة. نكلم ...

ولكن انتظروا قليلاً .. أنتم تعترضون الآن على اقتراحي، وتقولون أنه ليس كل مايفعله الإنسان ناتج عن ظروف خارجية لا دخل له بها، فهناك مايصدر عنه هو، عن رغباته الداخلية الشريرة، أو عن شخصيته المتسرعة المتهورة، أو عن نفسه الأمراة بالسوء.

ولكن ما نفس الإنسان؟ أليس الله هو من خلقنا على هذه الصورة؟ أليس هو من نفخ أرواحنا التي صنعها بنسفه؟ أليس هو من وضع فينا الجوع والشهوة وحب المال والرغبة بالإنتصار؟ أليس الخوف طبيعتنا التي خلقت معنا؟ أليست بعض التشوهات والأمراض العصابية والنفسية مزروعة في موروثاتنا ولم نختارها لأنفسنا؟ أليس الطمع والجبن والأنانية كلها من الصفات التي توجد فينا ويتوجب علينا محاربتها؟ وبماذا نحاربها؟ بقوة الإرادة التي منحنا إياها هو نفسه، الله الذي خلقنا وخلق متناقضاتنا وجلس على عرشه ليشهد صراعاتنا من ذاتنا؟

إذاً ماهو مصدر الشر في الإنسان؟ هل بإمكان أي منكم أن يبرهن لي على أنه قادر على أن يتخذ قراراً (أي قرار مهما كان تافهاً) بمعزل عن (أقدراه) التي هي تربيته وظروفه ونفسيته ورغباته؟ فإن كان كل من التربية والظروف والنفسية والرغبات كلها تحت تحكم كيان واحد عالم وقادر، فكيف يجرؤ !!!!! كيف يجرؤ على تهديدنا بتعذيبنا وإحراقنا في لهيب أبدي إن نحن فشلنا في استعمال قوة الإرادة التي وهبنا إياها للسيطرة على الرغبات التي وضعها فينا.

كانت هذه الجدلية ولا زالت، السبب الأساسي الذي هز ثقتي في ما يسمى بـ العدالة الإلهية، وكون هذه الحياة اختباراً (بعد فترة طويلة من تفكيري بهذه المسألة، اكتشفت أن الكثير من الفلاسفة خاضوا بها واعتبروا أن إرادتنا الحرة مجرد وهم كبير)، فالإله إن كان قد صنعنا ويملك هامشاً كبيراً من التحكم بأقدارنا، فهو لا يحق له أن يحاسبنا، أما الإله الذي لا يملك هامشاً للتحكم في شيئ، فلسنا بحاجة لأن نرفع يدينا إليه بالدعاء أو نهتم بوجوده أصلاً، فهو ليس سوى متفرج.

نور
من سوريا الجريحة.


وتوجد روابط لجميع البوستات في سلسلة مقالات لماذا أصبحت ملحد، تجدونها في أسفل الهامش على يمين الصفحة. 
حدثنا عزيزي القاريئ/عزيزتي القارئة عن أسباب إلحادك حتى ننشره في المدونة. يمكنك إرسال قصتك بواسطة الإيميل إلى basees@ymail.com أو كتابتها كتعليق على أي بوست في المدونة.

السبت، 7 ديسمبر 2013

محمد فاز بالجنة ومانديلا مصيره النار

::
عندما قرأت خبر موت نيلسون مانديلا صباح أمس الماضي، أول خاطرة مرت بذهني هي المقولة الترهيبية التي تستخدم لهش أفراد القطيع للإمتثال بطقوس الدين الإسلامي، وهي: جاك الموت ياتارك الصلاة، وهذه تقال طبعاً للمسلمين العاصين التاركين للصلاة لتحفيزهم لإداء فروضهم وليس للغير المسلمين، فهؤلاء لهم أحكام أخرى، ولكن العبارة عبرت ذهني عفوياً رغم معرفتي بذلك.

ونيلسون منديلا مصيره النار، لاشك في ذلك، لأنه على مستوى رفيع من الثقافة والمعرفة والإدراك، وكان قائد لمجتمع تتواجد فيه نسبة لا بأس بها من المسملين، فلابد أنه يعرف إذاً ماهو الدين الإسلامي، ويعرف تاريخه وشيئ عن ظهوره ونشأته، وربما قد اطلع وتمحص ببعض جزئياته أيضاً. فهو إذاً لايندرج ضمن تلك المجموعة المحظوظة التي سيخصص لها اختبار آخر يوم القيامة بسبب جهلها بوجود الإسلام في دنياها، لأنه كان يدرك وجوده، فمصيره النار حتماً.

لنتناول هذه العقيدة بقليل من التفكير، نيلسون مانديلا، الشخصية التي ربما سمع بإسمها اليوم نسبة من سكان العالم تفوق نسبة من سمعوا باسم أي نبي من أنبياء تلك الكتب التهريفية الدينية، هذا الإنسان الذي قضى ثلث عمره في سجون العنصرية البيضاء البغيضة، وربما كان الحافز الرئيسي في سقوط النظام الأبارثيتي التمييزي العنصري في أفريقيا الجنوبية واقتلاعه سياسياً واجتماعياً من هذه الدولة، هذا الإنسان المسالم الذي رفع راية الحرية والمساواة للجميع ونبذ جميع أساليب القمع والإرهاب، هذا يذهب إلى النار مدى الأزل.

ومحمد النبي الذي ميز وفرق وفصل بين البشر عقائدياً وجنسياً، ورسخ فكرة هم ونحن في رؤوس أتباعه ومئات الأجيال من بعدها إلى اليوم، هم الكفار النجسين الفاسقين المستحقين للموت والتعذيب، ونحن المسلمين الصالحين المحبوبين من الله وملائكته والمستحقين لجنة الخلود، الرجال قوامون على النساء، والنساء ناقصات عقل ودين، فهذا  الإنسان العنيف الذي بعث بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقه تحت ظل رمحه (كما جاء في الحديث) واستعبد وسبى ونكل بالبشر فهو حبيب خالق الكون، يجلس بقربه إلى الأبد.

إلى هذه الدرجة يلتوي عقل المسلم. ولكن لنرجع إلى مقولة أتاك الموت ياتارك الصلاة، فمن الواضح أن الهدف منها هو التخويف والترويع، وهو الأسلوب الوحيد الفعال الذي يستخدمه الإسلام في ترويض أتباعه، لأن محتوى الرسالة نفسها ضعيف فكرياً، فبدون التخويف الفكرة نفسها غير مقنعة. 

نيلسون مانديلا عاش إلى سن الخامسة والتسعون، وهذا أعلى بكثير من معدل أعمار البشر اليوم، ولكن كل فرد منا لن يضمن أن يصل حتى إلى سن المعدل وهو دون الثمانين عام للغالبية الكبرى من الناس. وأكثر مايغيضني ويحز بنفسي هي هذه المحاولات الترهيبية المتمثلة في هذه العبارات التي لا تستهدف شيئ سوى حث الناس على تضييع أعمارهم القصيرة جداً والمعرضة للإنتهاء بأي لحظة، واقتطاع شريحة ضخمة منها لأداء ممارسات شعائرية محظة ليس لها أي نتيجة ملموسة تفيدهم في حياتهم العملية.

فحين أسمع نداء أتاك الموت ياتارك الصلاة، فأنا في الحقيقة أسمع نداء يحث على بعثرة وهدر العمر، ومن تجاهل هذا النداء هو الفائز الحقيقي وليس من امتثل له، لأن المتجاهل له قد وفر لنفسه جزءاً كبيراً من حياته كان ليضيعها عبثاً وبدون أي فائدة فيما لو انصاع له. ولاشك أن نيلسون مانديلا وغيره ممن لم ينخدعوا بمثل هذه الأقاويل الفارغة، قد فازوا بتلك الشريحة الحياتية التي لاتقدر بأي ثمن، وأفادوا الملايين بها أيضاً حين لم يقضوها في ممارسات تعبدية عقيمة وفارغة.

* * * * * * * * * *

الخميس، 5 ديسمبر 2013

هدايا السماء ضعيفة الإغراء

::
بين فترة وآخرى، أفتح القرآن لأتسلى بقراءة الترهات التي يعج بها، وقد ذكرت في عدة بوستات سابقة أن المتحرر من هيمنة الموروث الديني على عقله سوف يرى مدى حجم القصور في المفاهيم والأفكار والأحكام التي يحتويها هذا الكتاب بمجرد أن يفتح أي صفحة فيه عشوائيا، وهذا ما أفعله بين حين وآخر، واليوم فتحته على هذه الآية:

إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لانضيع أجر من أحسن عملاً * إولئك لهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا. (الكهف - 30/31)

والآية تستحق بوست مطول لها، ولكني هذه الأيام مشغول جداً، فلذلك سوف أركز على عبارة واحدة فيها، وهي: "يلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الآرائك". والسندس هو نوع من القماش الناعم الحريري الخفيف، يلبس على الجلد مباشرة. والإستبرق نوع آخر من القماش إنما غليظ ومطرز يرتدى كلباس خارجي على الملابس الداخلية.

ومفهوم العبارة يعني أن خارق الذكاء والبصيرة الذي خلق الكون وصاغ قوانينه، وصمم الإنسان بخلاياه ومكوناتها المذهلة، يريد أن يغري ذلك المخلوق المعقد لأن يتبع منهج معيشة دنيوي محدد وضيق يحرمه من حريات وملذات جمة، وأن يمتثل لأحكام في غاية القسوة والصرامة مدى حياته. ففكر ودبر ذلك الرب لمدة لامتناهية الأزل، ثم رسى أخيراً بذكائه الخارق على أفضل هدية ربوبية يقدمها لهذا المخلوق فيما لو امتثل وانصاع لمطالبه، وهي هذه: 

بالإضافة إلى إغرائه ببعض الخنادق التي سيملأها له بالخمر والحليب ويسميها أنهار، قرر أن يغريه بملابس داخلية أيضاً، على أن تكون ناعمة طبعاً، يرتدي عليها ملابس غليظة مطرزة، ويرفع درجة هذا الإغراء بتلوينها باللون الأخضر، حيث لن يرى المؤمن هناك أينما دار وجهه وسط جموع سكان الجنة إلاّ اللون الأخضر. ثم يختم إغرائاته الربوبية المثيرة هذه بتذكير البشر بأنه سوف يزودهم أيضاً بكنبات ليتكأوا عليها، لكي لا يظن الفائز بالجنة أنه سيقظي حياته واقفاً أو جالساً على الأرض هناك مدى الأزل.

من سال لعابه وهجر ملذات دنياه على هذا الإغراء فليضع ملاحظة متفضلاً في صفحة التعليقات.

* * * * * * * * * *

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

خواطر هرطقية - و أسفاه على العقول المؤمنة

::


لمحت هذه الصورة في الفيسبوك ودارت بذهني هذه الخواطر:

*  عندما يخلو العقل من أفكار مفيدة ومعقولة يتزود بها اللسان ليقنع بها الناس، ينطق السلاح. يالهشاشة الرسالة التي تعتمد على الخوف والإرهاب في نشرها، فلو أراد أحد أن يلزم الناس بتبني عقيدة أن علاء الدين نبي وعفريت مصباحه السحري رب، لنجح في مهمته لو لوح في وجوههم مسدسه.

*  ويالدرجة فشل هذا الرب وعجزه حين لم يفلح في تزويد جنده إلاّ بمخلفات أسلحة أعدائه القديمة، وترك حجم الفرق بين إمكانيات أتباعه واستعدادات أعدائه، كبعد أرضه عن سمائه (المزعومة).

*  ويالدرجة سوء حكمة هذا الرب في اختيار جنوده وقواده، عصابات وقطاع طرق ومجموعات بلطجية جبانة متناثرة، تضرب وتهرب وتتخفى كالجرذان في جحورها، لا تميز بين امرأة أو رجل، أو طفل أو عجوز، لا يقودها إلا وهمها والتواء عقلها.

*  وياأسفاه على كل عقل يؤمن بأن الأديان هي رسالات ربوبية.

* * * * * * * * * *