الخميس، 30 أكتوبر 2014

منبت جذور غناء السماء

::
أبدأ هذا البوست بما يتيسر من سورة البقرة، بترتيل الشيخ محمد المنشاوي. 




ولكي لا يتهمني أحد بالإنحياز إلى الترتيل القرآني، وحفاظاً على مشاعر الأخوان المسيحيين، فهذه أيضاً بعض التراتيل القبطية الجميلة.




ولزوارنا اليهود، هذا ترتيل عبري مما يتيسر من إصحاحات التوراة.




ولزورانا الزرادشتيين (المجوسين)، فهذه ترانيم من كتابهم الأفيستا المقدس.




وحتى لمن لايزال يعتنق الديانات الفرعونية القديمة، فهذه بعض من ترانيمهم المقدسة أرجو أن تعجبهم.




وصلت الفكرة؟

يقول كاتب الوحي في سورة المزمل: ورتل القرآن ترتيلا، أي أن المطلوب هو التنغيم في القراءة. ولكن لماذا الحاجة إلى تنغيم قراءة رسالة خطابية إرشادية؟ 

التنغيم في قراءة أي خطاب، سواء مقدس أو مدنس، لا يساهم في توضيح نصوصه أو فك طلاسم رموزه، إنما السبب الحقيقي لتنغيم القراءة القرآنية هو لأن الخطاب القرآني يتبع في أسلوبه نفس الخط التراثي المنتهج في الخطب والقراءات الكهنوتية الدارجة داخل المنطقة وخارجها والمتبعة عبر التاريخ البشري، فجميع النصوص الكهنوتية، ربما بلا استثناء، تقرأ بالتلحين والتنغيم، مع الموسيقى في بعض الأديان، والسبب بسيط ونتيجته واضحة وهي إثارة شيئ من التلذذ السمعي لدى المتلقي لترغيبه في الإستماع إلى النص، وللتعويض أيضاً عن كون هذه النصوص في العادة رتيبة ومكررة ومملة.

القرآن ظهر في القرن الثامن الميلادي، وسار على نفس الخط التنغيمي المسيحي في قراءته كما هي ممارسة في الكنيسة القبطية التي سبقته بسبعة قرون والجاري في التراث اليهودي أيضاً. والكنيسة المسيحية بدورها سارت على نمط الترتيل التنغيمي اليهودي الذي سبقها بأكثر من خمسة قرون. والترتيل اليهودي نفسه ربما تأثر بالترنيمات التنغيمية التي كانت تمارس في المعابد الفرعونية والمعابد الكهنوتية الأخرى في المنطقة حينذاك .... وهكذا دواليك. الممارسات والطقوس الدينية تقتبس وتسرق من بعضها البعض أساليبها في نشر عقائدها.

والقرآن لم يحد في أسلوب قراءته عن باقي الديانات العديدة التي عاصرته وسبقته.

* * * * * * * * * *

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

تأكيد جديد على انتشار وازدهار العلمانية

::
ليس هناك أدنى شك على أن العلمانية واللاأدرية والإلحاد في انتشار دولي مطرد، إذ أن أغلب الدراسات الإحصائية التي أجريت خلال العقود الأخيرة الماضية تثبت ذلك، وقد ظهرت الآن دراسة استفتائية جديدة تؤكد هذا التوجه. ولكن قبل أن أتطرق إليها، أود أن أبدأ بمقدمة قصيرة:

ليس من السهولة أبداً أن يترك الإنسان المبادئ والأسس العقائدية التي تجرعها في صغره وتربى وترعرع عليها طوال فترة نموه ونضوجه وبنى عليها هويته وانتمائه وطموحه وآماله. فعندما يواجه المؤمن الدلائل الدامغة الكثيرة التي تناقض عقيدته ولا يجد مفر للتهرب منها، فيبدأ بالإنتباه والتشكيك بثوابته ومسلماته، يدخل في العادة في عدة مراحل يبتعد فيها تدريجياً عن دينه، ويستمر في الإبتعاد إلى أن ينتهي إلى الإلحاد. إذ ليس بالضرورة أن يتحول خلال يوم وليلة إلى ملحد، فهذه المراحل المتدرجة قد تطول عدة أيام أو أسابيع أو حتى سنوات، يتذبذب فيها المؤمن الباحث إلى أن تتضح الصورة في ذهنه ويتلاشى تأثير الترهيب والترويع من قلبه. حينذاك، يستطيع المؤمن السابق أن يعترف لنفسه بأنه ملحد.

هذه المراحل المتدرجة من الإيمان إلى الإلحاد قد تسير على هذا المنوال: 

1- يبدأ المؤمن بالشك والموازنة والتمحيص والتفكير بمعتقداته.
2- يدخل في مرحلة إنتقائية، يرفض فيها بعض جزئيات عقيدته ويقبل بعضها الآخر.
3- يقلل من أو يتوقف عن الذهاب إلى المسجد أو الكنيسة وعن المشاركة في المناسبات الدينية.
4- ينكر انتمائه إلى الطائفة التي نشأ عليها ويُعرّف نفسه بأنه مسلم أو مسيحي دون انتماء إلى مذهب معين.
5- يعترف أخيراً لنفسه وحتى ربما لمن حوله بأنه ألوهي أو لاديني أو ملحد.

تعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول الغربية تديناً، وقبل أقل من سنتين ظهرت دراسة إستفتائية هامة أشارت إلى أن نسبة متزايدة من السكان تقدر بـ 15% لا تعتبر نفسها بأنها تنتمي إلى طائفة أو مذهب معين، بل تنسب نفسها إلى المسيحية بمفهومها العام دون انتماء طائفي. إنما مؤخراً، ظهرت دراسة جديدة تشير إلى أن هذه النسبة قد طفرت الآن من 15 إلى 38% في فترة أقل من سنتين!!! هذه الظاهرة تعادل المرحلة الرابعة في التدرج أعلاه وربما تشير إلى مرحلة انتقالية وهجرة مكثفة من التمسك بالدين إلى قبول أوسع للعلمانية.

هذا تدرج مذهل ومقلق للمؤسسة الدينية، ليس في أمريكا فحسب بل دولياً، لأنه يؤكد بشكل صارخ ابتعاد شمولي عن الدين وميول إلى مواقف فكرية أقرب إلى العلمانية والإلحاد تكتسح المجتمعات الدينية دولياً، والتي برأيي  سوف تنتهي إلى الإلحاد، وبوادر ذلك واضحة في كل المجتمعات.

* * * * * * * * * *

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

عندما يسقط الرب وينكسر رأسه

::
هناك أكثر من مليارين مسيحي وحوالي مليار ونصف مسلم ومليار هندوسي من تعداد سكان العالم. هذه تكتلات هائلة من البشر، كل فئة منها تؤمن بإله يختلف تماماً في طبيعته عن الآخر. إختلاف معتقدات هذه الفئات عن بعضها وضخامة حجم كل فئة منها وتكتلها جغرافياً وقِدمها - الإسلام 1400 سنة، المسيحية 2000 سنة، الهندوسية 4000 سنة على الأقل - هذه الحقائق تثبت أن المؤمنين بهذه الديانات وغيرها الكثير ليسوا مؤمنين بقناعة محايدة اكتسبوها بعد تمحيص موضوعي ناضج ومجرد من تأثير تراث المحيط الذي نشأوا فيه، وإلاّ لطغى دين واحد على جميع الأديان الأخرى الآن وبعد كل هذا الوقت الطويل لكونه هو الدين الصحيح، بل كل منهم تجرع معتقداته مع حليب أمه، ولهذا السبب تتميز الديانات بتكتلاتها الجغرافية. تجرع الموروث عند الصغر هو لب المشكلة.

فعندما تقع حادثة مثل هذه التي في الفيديوكليب، هل ستزعزع إيمانهم بمعتقداتهم؟



يقع أقدس رمز للرب، وسط بيته ويتشلخ بدنه ويتحطم رأسه، فهل ينتاب أحد الحضور الشك في أن هذا الإله الذي يتجسد في هذا الرمز لربما يستحق الإعادة في التفكير؟

أبداً، سوف يواجه الحضور هذه المأساة المهولة باختلاق أهش وأسخف التبريرات والأعذار لكي يبقوا معتقدات صغرهم ثابتة في عقولهم. تماماً كما فعل المسلمون مع أقدس مقدساتهم حين تكسرت كعبتهم بالمنجنيق واحترقت وغطست في سيول مياه الأمطار عدة مرات خلال القرون.

ماحدث هنا لا يختلف عما حدث للكعبة. اختلفت الأديان والهشاشة واحدة.

* * * * * * * * * *

الخميس، 23 أكتوبر 2014

المعول الذي يحفر قبر الدين ...

::
إسمه نظرية التطور. وإليكم السبب:




تطور الحياة حقيقة دامغة، لا يمكن تكييفها مع مفهوم الخلق كما ورد في القرآن والإنجيل. فإما أن تقبلها، وهذا يفتح لك باب الإلحاد، وإما أن تنكرها، وهذا تعامي سافي وخداع صارخ للذات.

الخيار لك.

* * * * * * * * * *

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

خواطر هرطقية - الأديان تسفيه لميزات الرب

::
الأديان سطحياً تكثر من المدح والتمجيد للرب، إنما باطنياً وعن غير قصد تكثر من تسفيهه وتحميقه، فتجعله كالغبي الأحمق في أساليب تنفيذه لخططه وأهدافه.

ماهو الهدف الرئيسي والأساس الذي أنزل فيه الرب رسالاته؟

أساس الدين، الإسلامي بالخصوص، والهدف الأول من تنزيله كرسالة سماوية إلى البشر هو للإعتراف بالله وتوحيده. هذا هو هدف وأساس الدين برمته، وكل مايحتويه من أحكام وإرشادات هي جزئيات أضافية تتبع تلقائياً قبول البشر للهدف الرئيسي الذي هو الإعتراف بالربوبية وتوحيدها.

إنما نفس الدين الإسلامي هذا يقول، على لسان الذي لا ينطق عن الهوى، أن الله الذكي أنزل على البشر منذ خلق جدهم الأول آدم ابن طين الصلصالي، 124000 نبي!!!!!

عن أبي أمامة قال أبو ذر: قلت يارسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، والرسل من ذلك ثلاثمئة وخمسة عشر، جماً غفيراً.

هذا يعني أن الله قد حاول 124000 مرة خلال مئات الآلاف من السنين، مستخدماً نفس الأسلوب لتوصيل الرسالة، بأن يقنع البشر الذين خلقهم ويعرف كيف تشتغل أدمغتهم لأنه صممها وركبها بنفسه، بأن  يعترفوا به وبوحدانيته ورغم ذلك وإلى اليوم لم يستطع إتمام هذه المهمة البسيطة.

هذا مايقوله لنا الدين، فهل هناك تسفيه للرب وقدرته أكثر من هذا؟

* * * * * * * * * *

الخميس، 16 أكتوبر 2014

هل الملحد وحش كاسر؟

::
أرسل لي أحد أصدقاء الفيسبوك قبل فترة قصيرة رسالة يعبر فيها عن استيائه الشديد على السلوك المشين الذي طرأ على بعض معارفه، والذين يصفهم بالوحوش الكاسرة بعد أن تحولوا إلى ملحدين، ويتسائل فيما إذا كان من الأصلح له أن يتوقف عن نشر الإلحاد في مجتمعه اليمني إذا كان سيؤدي إلى هذه النتيجة.

لا أريد التطرق إلى مشكلة صديقي بالذات لأنه لم يمدني بتفاصيلها، ولكنها أثارت التفكير حول فهم تشاؤمي للوجود يكتسبه البعض ويسيروا عليه، يروا فيه أن الحياة بلا معنى ولا هدف ولا حتى قيمة، ويبنوا حياتهم وعلاقاتهم وسلوكياتهم على هذه النظرة. هذا الموقف أو الرؤية السلبية تسمى بالفلسفة: العدمية. فحين يلحد الإنسان ويتخلى عن معتقداته الدينية كالحياة مابعد الموت والثواب والعقاب ومفهوم الإختبار، ويرى أن الحياة مجرد ظاهرة من ظواهر الكون التي ظهرت بعشوائية محظة بدون خطة مسبقة أو هدف، وأن الوجود بأكمله يبدو بلا تدبير أو غرض، فربما يجنح لهذا الموقف الفكري أو الحالة النفسية ويتصرف من منطلقها. فهل الملحد إذاً بالضرورة عدمي لايرى للحياة أي هدف أو معنى، فيصبح كالوحش الكاسر، لا يتهاون في قتل أخيه واغتصاب أخته وسرقة جاره ويعيش حياة تعمها اللامبالاة والفوضى؟

رغم أن هذه إحدى أسوء التهم التي يحاول أعداء الإلحاد إلصاقها بالملحدين، إلا أن نظرة عابرة لما يجري على أرض الواقع من حولنا تثبت أن هذه تهمة باطلة. فالمجتعات الملحدة هي أكثر استقراراً وأماناً وازدهاراً وسعادة من المجتمعات المتدينة، إقرأ هـنـا و هـنـا

ولكني أقر بوجود مفارقة في تفكير من لا يؤمن بالمفاهيم والمسلمات الدينية كالجنة والنار والإختبار بل يرى الحياة على واقعها العلمي الفارغ من أي خطة أو هدف. إنما هذه المفارقة لا تؤدي بالضرورة إلى موقف عدمي فوضوي انهزامي، بل الحقيقة عكس ذلك كما تشاهد في المجتمعات العلمانية الملحدة. ففي نظري، أنا أرى أن الحياة والوجود بلا خطة ذكية مسبقة وبلا هدف، حاضراً أو مستقبلاً، ولا أرى أن لهما أي قيمة أو معنى ضمن الصورة الكبرى للكون. فوفقاً لهذه الرؤية، أنا تفكيري تجاه الحياة والوجود بشكلهما العام عدمي إذاً، ولكني في نفس الوقت أرى أن حياتي الشخصية، لها قيمة كبرى ومعنى وأهداف عديدة. فأنا لا أستعجل الموت لأني أفضل الوعي والإدراك والحيوية والوجود على الفناء والعدم، فحياتي إذاً لها وزن وقيمة. وعندما أذهب إلى عملي كل يوم لكي أحقق من خلاله إنجاز شخصي لي ولعائلتي يوفر لي راحة البال والأمان والسعادة، فهذا قطعاً هدف. وحتى التطلع إلى سفر قادم أو زيارة صديق أحبه أو الذهاب إلى النادي أو المطعم، كل هذه أهداف في ذهني وإن كانت صغيرة، تجتمع كلها لكي تمدني بغرض ونكهة وطعم جميل ومعنى لحياتي.

فرفض القناعات البدائية المتوارثة الفارغة من أي دليل أو برهان، وقبول حقيقة الواقع المدعم بالأعمدة العلمية، والذي يشير إلى أن الحياة والوجود ليس لهما رب بغرض ونية، لن يؤدي بالضرورة إلى تخريج وحوش كاسرة تعبث بالأرض فساداً. 

مشكلة صديقي اليمني هي مشكلة محلية استثنائية، لا أكثر.

* * * * * * * * * *

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

دمامة دين السلام

::
أنا لا أنظر إلى أن ما يحدث في هذا الفيديو هو جريمة قتل جماعي من شخص بكامل القوى العقلية مع سبق الإصرار والترصد كما يميزه القانون، إنما أراها كواقعة مؤلمة اقترفها شخص مسلوب العقل والإرادة، يخنع لشخص آخر يسيره كالروبوت بواسطة ارشادات من كتاب كارثي قديم يؤمن كلاهما بأنه منزل من إله. فأساس المشكلة ليس الأشخاص بحد ذاتهم، بل الإرشادات التي يتبعونها في ذلك الكتاب والثقافة الدموية المبنية عليها.

هذا شخص يطلق النار على مجموعة من الشيعة في باكستان خلال جلستهم لإحدى مآتمهم التي يحيونها سنوياً.



هذه مجزرة طائفية بحتة، لم ترتكب لأي سبب آخر سوى الإختلاف في بعض الجزئيات لنفس دين الطرفين، لا تختلف في بشاعتها عما تفعله داعش من تطهير طائفي في سوريا والعراق. ظهور حركة داعش وزحفها الحثيث ومايصاحبه من وحشية، لم يكن دافعه سياسي أو حتى ديني بفهومه العام، وأي إنسان يعتقد ذلك فهو موهوم ساذج. بل ظهور داعش وغيرها من المجموعات الإراهبية الأخرى كان في المقام الأول بدافع طائفي محظ مصبوغ بصبغة سياسية، اندلع وتزود بوقود الكره الشديد الذي تحمله فئة مسلمة ضد فئة مسلمة أخرى لم تتمكنا إلى الآن التكيّف والتعايش السلمي مع بعضهما رغم مرور 1400 عام على نشأتهما. هذا البغض الدفين ضد المخالف والمتجذر في كيان الكتلة الإسلامية والمتوارث منذ نشأتها، منبعه الأساسي هو النص العدائي الإنقسامي بطبيعته، والذي بإبهامه وتعدد أوجهه فتح الأبواب لكل داني وقاصي لأن يستخدمه لأي هدف تتطلبه أجندته أو يمليه عليه مزاجه. 

إن كان هذا النص نازل من رب، فمن الواضح الجلي أن هذا الرب يحمل نفس الطبيعة البشرية التي ابتلى بها خلقه.

* * * * * * * * * *

الجمعة، 10 أكتوبر 2014

خواطر هرطقية - كذبة رزق السماء

::
هذه خاطرة قصيرة تصبحت بها اليوم من الجمعة المباركة على موجات ترتيل القرآن عبر سور بيت الجيران.

في العقيدة الإسلامية، كل ما يحصل عليه الإنسان من أموال وأملاك وصحة ونفوذ ومرتبة يعتبر عطية، أو بتعبير آخر رزق، من ربه، حتى الأولاد (بمعنى إنجاب الأطفال) ... همممم، حتى إنجاب الأطفال رزق من ملك السماء؟؟ لنتناول هذا المزعم بنظرة عابرة.

أولاً لنعرف ماهو الرزق. الرزق بالمفهوم الديني كما أفهمه هو منحة ربوبية يحدد مقدارها ووقتها ولمن يستحقها الرب وحده. أليس كذلك؟

إنما بناءً على أن الغالبية الكبرى من البشر قادرين طبيعياً على الإنجاب بدون أي تدخل طبي أو سماوي في هذه العملية، وإذا كانت قرارات الإنجاب أو عدمه، وتحديد عدد الأطفال ووقت إنجابهم، واليوم حتى تحديد جنس الجنين، وغداً احتمال لون بشرته وشعره وطوله ومقدار ذكائه، كلها راجعة إلى الزوجين، فكيف يكون الإنجاب رزق من السماء إذا كان التحكم التام في هذا القرار راجع إلى الزوجين، شاء الطب أو الحكومة أو العمة أو الجيران أو بوعلوي أو السماء أم أبت؟؟؟

* * * * * * * * * *

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

من أخطاء السماء - تحقير العنكبوت

::
أرادت إحدى العناكب أن تمد نسيج بيتها تحت حافة سقف الكراج، فلم تستطع تثبيته من تحت بسبب ضيق زاوية السقف. فماذا فعلت؟ عثرت على صخرة وربطتها بخيط متصل بحافة النسيج من تحت، واستخدمت ثقل الصخرة لكي يشد شبكة النسيج ويثبتها من الأسفل كالوتد، وبذلك حلت المشكلة بذكاء مذهل.

العناكب من أغرب وأعجب الكائنات الحية في سلوكياتها وإبداعها، ولم تظهر هذه الخصائص العجيبة فيها إلا مؤخراً بعد دراسات مستفيضة ومراقبة دقيقة لها من قبل علماء الأحياء. إنما الإنسان الجاهل لا يرى حقيقتها بمجرد النظر إليها، بل يراها على ظاهرها البسيط كمجرد حشرة (وهي ليست حشرة، بل تنتمي إلى فصيلة العنكبيات التي تختلف عن الحشرات في التصنيف) تبني نسيج لزج ضعيف سهل الدمار بمرور اليد، تستخدمه كبيت لها وتصطاد به الحشرات. وهذا كل مايراه فيها.

والآن أنظروا إلى هذه الآية:

مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت - 41)

كاتب هذه الآية، الذي يفترض أنه قد خلق العنكبوت ووضع فيها جميع خصائصها المدهشة، يريد تحقير المشركين. فبماذا يشبههم؟ يشبههم بالعنكبوت المبدعة ويسخر من ضعف بيتها!!! أي أنه قد اختار من جميع مخلوقاته إحدى أبدعها وأعجبها لتحقيرها بإقرانها مع أعدائه، نفس أسلوب السب والتحقير الذي يستخدمه مع اليهود حين يقرنهم مع القردة والخنازير، إشارة إلى أن العناكب والقردة والخنازير هي مخلوقات متدنية حقيرة.

إنما الصورة التي أثارت إعجابي هي حجم الصخرة المتدلية من أسلاك نسيج العنكبوت الدقيقة، والتي تبين مدى قوة هذه الأسلاك التي اكتشف أنها أقوى من أسلاك الحديد السبيكي الصلب حين تكون بنفس السماكة. فعندما يبني العنكبوت بيته بأسلاك تفوق قوتها قوة الحديد الصلب، كيف يمكن وصف هذا البيت بأنه أوهن البيوت؟؟؟

لأن كاتب الآية بشر جاهل، يرى الأشياء على ظاهرها فقط ويتكلم من ذلك المنطلق.







* * * * * * * * * *


الأحد، 5 أكتوبر 2014

بسكلة على حافة الهلاك

::
أجد صعوبة بالغة في فهم لماذا يجنح البعض في المجازفة والإستهتار بأرواحهم إلى هذه الدرجة!! لو انزلقت العجلة بضعة سنتميترات فقط، انتهت حياة الراكب. تعرقت يداي من مجرد مشاهدة المنظر:




* * * * * * * * * *

الخميس، 2 أكتوبر 2014

مالهدف من وجودنا؟

::
وصلني خبر يوم أمس أن أحد أصدقائي الذي أجرى عملية استئصال لورم سرطاني في البنكرياس قبل عامين، قد عاد إليه السرطان في ماتبقى من بنكرياسه وانتشر أيضاً في رئتيه والغدد الليمفاوية. لم يعطه الأطباء تقدير إلى الآن على ماتبقى من عمره، ولكن لا يبدو أنه سوف يكمل عام 2015 على قيد الحياة.

هذا ثالث شخص ضمن حلقة أهلي ومعارفي يفتك به السرطان خلال الخمسة سنوات الماضية. الأول كان نسيبتي التي أصيبت بسرطان البنكرياس أيضاً وماتت شابة قبل بضعة سنوات، وقد كتبت مقالة بذلك الحدث هـنـا، والثاني أحد أقرب أصدقائي وقد مات من سرطان الرئة ولم يتعدى على موته سبع أو ثمان شهور من هذه السنة، وهذا الآن الثالث. ولمن تجنح به أفكاره إلى أن هذا عقاب رباني على إلحادهم، فأقول له أن الثلاثة مؤمنين بالله رغم أنهم ليسوا كلهم ملتزمين بطقوسه.

هذا البوست سوف يكون مجرد تدوين لخواطر مبعثرة غير مترابطة تدور في رأسي حالياً ليس له هدف محدد سوى ربما التنفيس.

*  إحدى سلبيات عدم الإيمان بوجود رب وبعث وخلود - في جنة أو نار - هو الشعور المرهف بالضعف والإستسلام لواقع الحياة المجرد العاري على حقيقته القاسية، وماتحتويه من مخاطر ومصائب كامنة خلف كل زاوية من منعطفاتها. الشعور بأنك تحت حماية القوانين الوضعية القاصرة ورحمة العلوم والتقنية المحدودة وحسن أو سوء الحظ والصدفة، وليس تحت حماية وأمان قوة ربوبية خارقة تراقبك وتستجيب لك لتنتشلك من الكوارث وتبعد عنك الأذى بنفخة سحرية. بل الحقيقة العارية هي إذا أصبت بمرض، فأمل علاجك يعتمد على درجة المرض ونوعه، ودرجة كفائة الخدمات الطبية في محيطك، وقدرتك المادية، ومدى تقدم العلوم الطبية في علاج ذلك المرض، كلها من ضمن عوامل أخرى تحدد وفاتك أو نجاتك. هذا الشعور بالإعتماد في وقت الشدة والضيق على الخدمات البشرية المحدودة وإمكانياتك الشخصية مقابل القدرة الربانية على إنتشالك من مأساتك، هو خسارة كبيرة للملحد. إنما أفضل رغم الشعور بالعزلة والضعف أن أعيش في عالم الواقع المادي الحقيقي المؤلم على أن أعيش في العالم المخملي الوهمي الذي يعصب عيني ويجعلني أتخبط في حيطان الأمل الزائف كالأحمق المخدوع.

*  إدراك درجة ضعف الإنسان جسدياً وقصور إمكانياته وقدراته على التصدي للكوارث الطبيعية للحفاظ على نفسه من أمراض وأوبئة وحوادث ومصائب كثيرة أخرى، ربما يحبب لي ولكنه لا يقرب فكرة وجود الرب من خواطري، بل بالعكس، يبعدها عني لسبب  بسيط، وهو فقر وتناقض التفسيرات السخيفة التي تقدمها الأديان كأسباب للكوارث، وعدم توافقها وترابطها مع طبيعة هذه الكوارث. فكارثة كمرض السرطان مثلاً لا يمكن تكييفها مع فكرة أنها عقاب لمعصية كعدم الصلاة أو تدنيس القرآن أو الإسائة إلى الرب. السرطان خاصية جينية كامنة في خلايا جسم كل إنسان، تثيره عوامل ليس لها أي علاقة بالأهواء والنزعات الماورائية من غضب وحنق رب عصبي يعشق الإنتقام. السرطان تثيره عوامل محيطية/جينية، ككثرة التعرض لمواد مسرطنة، مثلاً كالـ دايوكسين الموجود في الكثير من المستهلكات البلاستيكية والـ أكريلامايد الذي ينتج في الأكل عند الشوي أو القلي، أو التعرض المطول للأشعة مافوق البنفسجية من الشمس، أو الإستنشاق المتكرر الطويل للملوثات الجوية ... وغيرها الكثير من العوامل التي ليس لها أي ارتباط بإيمان الإنسان أو كفره.

*  هل للحياة أو للوجود بأكمله هدف؟ لا، لا يبدو أبداً أن لهما هدف. ما الهدف من خلق كون يحتوي على مليارات المجرات التي تبعد غالبيتها العظمى عنا بملايين السنين الضوئية؟ هل لكي تكون قناديل تضيئ لنا الطريق بالليل كما يقول القرآن؟ ياسلام على الذكاء الرباني الخارق في إنارة أمسيات خلقه وياسوء عقل المخلوق الذي يصدق ذلك. وما الهدف من وجود أسماك وكائنات تعيش في قاع المحيطات لانراها ولا نعرفها، وجودها أو انقراضها لن يؤثر علينا أو على البيئة بقيد شعرة. وما الهدف من وجودنا نحن البشر؟ هل لكي نروي عطش الإستعباد لرب مهووس به، يتلذذ بشوي مخلوقات رفضت عبادته؟ وجدنا في هذا الكون الفسيح لكي نكون عبيد؟؟؟؟ لقد تعودت أن أشبه ظهور الإنسان ككيان ووعي عند ولادته من رحم أمه كظهور الفطر في المراعي. يظهر الفطر وكأنما من لاشيئ، إنما مع بعض الفحص والتدقيق نعرف أن ظهوره تحكمه عوامل طبيعية معروفة لا تدخل فيها قوى أخرى غير ماهو معروف من قوانين الطبيعة. فينمو هذا الفطر ويزدهر ثم يذبل ويموت ويتلاشى، وهذا مايحدث للإنسان وجميع الكائنات الحية الأخرى، لا تختلف في ظهورها ونهايتها عن بعضها، ولا يتميز الإنسان عنها بتاتاً. لا يوجد لنا أو للوجود بأكمله هدف، فالعلم الذي يقول أننا إنتاج إحدى صدف الطبيعة أثبت صدقه، والدين الجاهل العبودي المبتذل انكشف كذبه.

*  الحياة فريدة وغير محتملة وقصيرة، وأكبر غلطة يقترفها الإنسان بحقه وحق الآخرين هو أن يهدرها ويهدر حياة غيره. حافظوا عليها وتمتعوا بها قبل أن تزول، وحظاً سعيداً لكم جميعاً في حياتكم.

* * * * * * * * * *