الثلاثاء، 24 يوليو 2012

خواطر من غداء رمضاني مع كيس

::


والمعنى اللغوي المقصود من الـ "كيس"، هو حرفياً الوعاء الورقي أو البلاستيكي أو أي من الأنواع الأخرى التي تُحمل فيها الأشياء.

وقد خرجت ظهر اليوم مع هذا الكيس الواعي المؤدب الظريف لنتناول وجبة الغداء الرمضانية في إحدى المطاعم العربية في لندن. مطعم عربي إسلامي، من ضمن أغلب المطاعم العربية والشرق أوسطية الأخرى هنا في الويست إند، التي لم تحاول إدارته إغلاقه أو تكترث بأديان من يتلذذ بمأكولاته إمتثالاً لنزوات المتطرفين.

ولمن يمتلكه الفضول، ولاشك كلكم كذلك، لمعرفة هوية هذا الكيس الذي شاركني وجبتي، فهو صديق عزيز صادف أن يتواجد معي في لندن هذه السنة لقضاء عطلته فيها.

ولمن يمتلكه الفضول، ولاشك كلكم كذلك أيضاً، لمعرفة لماذا أصفه بـ الكيس. أقول لأن البشر، والحياة بشكل عام، من منظور بايولوجي خلوي، ماهم إلاّ أكياس من التفاعلات الكيميائية. فإشارتي لأي إنسان أو أي كائن آخر بأنه كيس، ليس بتعريف ساخر أو إزدرائي أبداً، إنما وصف دقيق من زاوية علمية.

وأذكر الكيس الكيميائي العزيز هذا في بوست اليوم، لأن حقيقة مكوناتنا ككائنات بشرية يصعب تصورها من منظور علمي كهذا عندما نجتمع ونتفاعل وننظر إلى بعضنا، فلا يبدو أن أخي أو أختي أو صديقي مجرد كيس حي يتحرك وينطق! إنما كائن بشري بكل الخصائص التي تجعله إنسان.

ولكن أحياناً يخطر ببالي إدراك ماهيتنا الحقيقية هذه، ويشتد هذا الإدراك حدة ووضوح في ذهني لدوافع باطنية لاأعرفها، لدرجة أني حقاً لاأرى أمامي من البشر سوى أكياس حية منتصبة من التفاعلات الكيميائية. شعور غريب صعب الوصف، ولكنه امتلكني اليوم خلال لقائي مع صديقي وأنا أستمع إلى حديثه وحثني على كتابة هذا البوست.

هذه الحقيقة، حقيقة أن الحياة بجميع أشكالها، من الحيوانات إلى النباتات إلى البتكيريا إلى الخلية نفسها، عبارة عن أكياس (الجلد، الغشاء الخلوي، الجدار الخلوي) من التفاعلات الكيميائية، هي حقيقة "خلقية" أساسية جذرية لها من الأهمية المعرفية بقدر لابد أن يذكرها أي مصدر، يُفترض أنه صادر من كيان خلقها، يشرح فيه طريقة خلقه.

غياب مثل هذه المعلومات الإساسية الجوهرية من ما يُسمى بالكتب "السماوية"، كما تكلمت عنه في بوست سابق هـنـا، كان أحد أهم الأسباب التي دفعتني للبحث في صحة ربوبية تلك الكتب.

وبالنسبة إلى غياب المعلومات من النصوص "المقدسة" عن المكونات الأساسية للحياة، فما يفضح درجة ضحالة معلوماتها وبساطتها وخطئها، أنها تتكلم عن طين وصلصال ودم ولحم، أي عن مزيج من الثقافة الأسطورية السائدة في المنطقة في وقت ظهورها وماهو واضح لأي إنسان جرح اصبعه. ويُلزم علينا، نحن بشر اليوم بثقافاتنا المتقدمة والمناقضة لها، تصديق أن تلك النصوص ربانية، أو نُشوى إلى الأبد؟ 

أين يوجد في النصوص معلومات عن الخلايا التي يتركب منها الجسد، والتي يبلغ عددها بالترليونات؟
أين يوجد في النصوص معلومات عن الكروموسومات والجينات، التي تبني الإنسان؟
أين يوجد في النصوص معلومات عن الإنزيمات التي تتفاعل في الخلية بسرعات مذهلة لاتصدق، تصل إلى 100000 تفاعل بالثانية؟

ألا تكون نصوص الخالق مقنعة أكثر، لو ذكر فيها بعض هذه المعلومات الأساسية، لانقول بدلاً عن، بل فالنقول بالإضافة إلى التراب والطين والصلصال؟

بشرية النصوص لايكشفها ماهو موجود فيها فحسب، بل الأهم بالنسبة لي، وليت لكل مؤمن بها أيضاً، ماهو غائب منها.

* * * * * * * * * *

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لو كنت عاصرت صلعم لسألته عن سر وجود حلمتين في صدر الرجل ، ما هو السر الرباني الذي يجعل حشرة تضع بيوضها في جسم حشرة أخرى من غير جنسها وتفقس البيوض في احشائها وتتغدى على دمها حتى يحين وقت خروجها فتجهز عليها أو تغير كمياء مخها وتجعلها تتجه إلى بركة ماء وتلقي بنفسها فى الماء لكي يتسنى لليرقة الخروج والسباحة في الماء لأن جنسها يعيش في الماء؟
أترك الجواب لأصحاب الإختصاص من أمثال زغلول الفشار، أحيانا أقول لنفسي إن محاججة المتديين مضيعة للوقت ـ ولكن نداء متعة مقارعة الملتحين بأدلة من كتبهم الصفراء لا يفارقني
....................
عابر سبيل