الاثنين، 16 يوليو 2012

مسيرة تحضّرهم، أخّرها تبولهم

::


ذكرني الفيديو كليب أدناه بمنظر سريالي غريب شاهدته خلال زيارتي الأولى لأحد الزملاء في بيته الجديد أحد الأيام.

فبعدما رحب بي زميلي هذا وأجلسني في قاعة الإستقبال، ثم ذهب ليحضر لي بعض المرطبات، تلفت حولي أتمعن معجباً بذوقه الرفيع في اختياره لنوعية الأثاث، والتناسق البديع لأشكال وألوان ديكور السقف والجدران ... والسجادة.

ولكن مهلاً، ماهذا الذي أراه على السجادة؟ 

خلال تنقل نظراتي عبر القاعة، تسمّر بصري فجأةً على بقعة مستديرة غريبة، تنافرت مع الأشكال الفنية المرسومة على السجادة الصينية الفارهة التي تزين الأرضية. وبعدما تمعنت فيها ملياً، اكتشفت أنها عبارة عن حفيرة عميقة قطرها 2 سنتيمتر تقريباً، غائرة في كثافة فروة السجادة كغور الفوهة النيزكية على القمر. ومازاد من استغرابي هو أنني لمحت قربها ثلاث أو أربع حفيرات أخرى متشابهة تقع كلها على خط مستقيم باتجاه الباب.

لم أستطع إخفاء فضولي، فسألت زميلي عن سبب هذ التلف المحفور في سجادته الصينية الفاخرة. إلتفت نحوه بسرعة وسكت لوهلة قصيرة، وبعدما وضع كؤوس العصير على الطاولة وجلس بجانبي، أجابني ببعض الإحراج والتلعثم أنه تسبب كنتيجة لإزالة قطرات الدم التي تساقطت من إصبع ابنته الصغيرة عليها عندما كانت تقشر تفاحة! فقد جرحت إصبعها بالسكين، وقطر منها الدم على عدة مواضع على السجادة خلال ركضها باكية نحو الباب. وحيث أن الدم نجس، إستدعى ذلك تطهير تلك القطرات خوفاً من إنتشار النجاسة في باقي المنزل فيما لو تركت محلها وداستها أرجل رطبة!

ولكن المشكلة كانت أن التطهير له أحكام يستوجب إتّباعها، وأحكامه تستدعي بدورها أن يسكب على الشيئ النجس ماء جاري لكي يطهر. أي ماء التطهير يجب أن يكون موصول بكمية معينة من الماء أكبر بكثير مما يحتويه مجرد كاس أو إبريق. فكان الخيار الوحيد الذي توصل له زميلي وزوجته، والذي حدد مصير السجادة وسبب تلفها، أن تزال بقع الدم من فروتها بحلقها بالمقص!!!

ولازلت إلى اليوم أشعر بسريالية تلك الزيارة كلما خطرت ببالي.

ولكن بالعودة إلى الفيديوكليب أدناه، والذي أثار موضوع بوست اليوم، فأجد أن الحكم الذي يتكلم عنه الشيخ محمد حسين يعقوب بخصوص النجاسة، من ضمن أحكام وشرائع دينية لاتعد ولاتحصى، تتحكم كلها في سلوكيات ملايين البشر، وموقف الإله التي تسيره عواطفه منها، هو في الحقيقة أشد غرابة من تلك القصة السريالية. لأن الله، حسب أقوال الشيخ محمد المستمدة من أمهات الكتب الإسلامية، يغضب من تصرف بشري معين حول هذا السياق. وغضب الله، حسب المراجع الدينية، ليس بالأمر الهين أو البسيط، فهو غضب رهيب ترتج له السموات السبع وتنغمر منه قلوب سكانها بالخوف والهلع. فماهو سبب غضب الرب ياترى؟

يتسبب عندما يتبول الإنسان واقفاً!!!

وحيث أن هناك سبعة مليار إنسان، غالبيتهم العظمى إما أنها لم تسمع بالحكم أو أنها تتجاهله، فيعني هذا أن في كل ثانية تمر، هناك في مكان ما على الكرة الأرضية يوجد من يتبول واقفاً. مما يعني أن الله يعاني من عصبية مزمنة بسببه، أحدثت بدورها هلع وذعر متواصل لسكان السماوات.

ولكن بينما تظل أعصاب الإله في غليانها لاتخمد، وقلوب الأبرار القاطنون بلاطه تقفز في جزع لايركد، بسبب تبول غالبية كائناته البشرية بالطريقة التي لاتعجبه، تسير الحياة هنا على الأرض برتابتها اليومية قدماً، غير عابئة بتاتاً بسخط السماء أو بهلع أهلها. ويظل إدراك وجود ذلك الغضب السماوي العاصف محصوراً في عقول شريحة من البشر تعتنق عقيدة طلّقت المعقولية من ذمتها، وانفصلت عازبة عن أرض الواقع ومايجري عليها.

فإدراك مغبة التبول وقوفاً، كغيرها الكثير من الأحكام الدينية الممتدة لما وراء الخيال، من الجائرة والعنصرية إلى الجاهلة والغبية التي لاتزال تسيّر حياة أتباعها إلى اليوم، هو إدراك عقائدي مهمش لايعيره أحد خارج القليل من ملته أي اهتمام، يتبع لفكر إنسان الماضي، ولاينتمي لفكر الإنسان الحديث. لأن اهتمام إنسان اليوم ينصب في بحوث كيفية الوصول إلى المريخ والنزول عليه، وكيفية تحقيق خطوة ما بعد اكتشاف الهيغز، وكيفية استخلاص الطاقة من الدمج النووي، وخلق الحياة في المختبر، وإبادة الأوبئة، وتنظيف البيئة، ورفع مستوى المعيشة، ومكافحة الفقر ... والكثير من الأمور التقدمية والإنسانية الأخرى التي تدفع عجلة مسيرة التحضر البشري إلى الأمام ...

أما البحوث في أمور الحيظ والنفاس والغائط والتبول فهذه متروكة لتقلق عقول من لايزال يتلكع في ذيل تلك المسيرة.
::


* * * * * * * * * *

هناك 7 تعليقات:

غير معرف يقول...

يجب تطبيق قانون الطوارئ وإعلان حظر تبول على كل المسلمين.

غير معرف يقول...

من الأشياء التي تربينا عليها هو طاعة الإله في كل سلوك شخصي بحت، حتى فقد الواحد منا هويته، فتخيل :

- عدم ممارسة الجنس مع الزوجة إلا بالتسمية والوضوء وخلافه، فيما يشبه الوسواس القهري في لحظة يفترض انها غرامية وصادقة وشفافة.

- عدم الشرب إلا جالسا وبعد التسمية، وفي حالة مخالفة هذه الشريعة، كان يأتي شعور بالذنب وكأن الماء صار سما في داخل بطني.

- عدم التبول إلا حسب الشريعة الإسلامية، حتى لو لم أكن مرتاحا وإلا فهو غضب سماوي عظيم.

- حتى الالتزام بالصلاة، دون أي هدف مما يترتب على إهمالها أو نسيانها المتكرر حالة من الهلع النفسي، وكأنني اغتصبت أو قتلت.

بشكل عام كان التدخل في كل تفاصيل حياتي الشخصية حتى في ضميري بهذه الطريقة أمر يدعو للقرف، وربما الوساوس، والشعور بالذنب والناتج عن عدم قدرتي على التقيد بكل هذه التفاصيل.

كان سبب عدم التزامي بأغلب هذه الشرائع، لكونها شرائع تريد زيادة إخضاع الإنسان بل وتدمير ذاته لحساب ذلك الخضوع، الذي لا يستفيد منه في نهاية المطاف إلا أهل السلطة (ابحث عن المستفيد).

في كل الأحوال لا يمكن لإنسان حقيقي وناضج ومتعلم وواقعي وعقلاني ومبدع أن يلتزم بهذه الأمور، لذلك حتى لو كان هذا الإنسان الذي يملك هذه المواصفات مسلما، فمن المؤكد أنه ابعد الناس التزاما عن هذه الشرائع التسلطية.

غير معرف يقول...

قال تعالى ( وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32) صدق الله العظيم

عبدالعزيز يقول...

مرحبا بصيص اشتقت لك كثيرا
لقد غبت فترة من الزمن كنت باجازة وزرت قارة الاحلام استراليا في رحله جميله جدا تذوقت بها لحم الخنزير الذيذ :-)
القصه هذه ذكرتي بماضي مضحك لي في عام ٢٠٠٥ كنت في لندن رايت جاكيت سعره رخيص جدا بالمقارن في جودته وشركته المصنعه سالته عن سبب هذا السعر الزهيد قال هي تصفيه وتخفيضات صيفيه
فشتريت الجاكيت فرحان بهذا السعر الرخيص جدا ونتهزت الفرصه المهم عندما رجعت للكويت وجاء الشتاء وحان موعد ((الكشتات)) الرحلات البريه
اخذت الجاكيت لكي اتمختر به عند زملائي واكشخ بالجاكيت الندني عندما اذن صديقي لصلاة المغرب وتقدمت لكي اامهم قال لحظه ياعبدالعزيز كيف راح تصلي وانت لابس الجاكيت قلت ليش عادي والبرد قارس
قال بس شوف على كتفك رسمه قلت رسم شنو وين موجود!!!!!
قال شوف بعين هذه رسمة طير
نزعت الجاكيت والا رسمة طائر البجع على الكتف الايمن فاخذت السكين وقطعت خيوط الرسم
ومع استعمال مره مرتين توسع المكان المقطوع حتى افسد الجاكيت علي
ياليتني اشتريته بعد الالحاد كان مازال الجاكيت عندي اتمتع بجودته
:-)

basees@bloggspot.com يقول...

هلا بيك مجدداً أخي الكريم عبدالعزيز ويسعدني استمتاعك بعطلتك، بس لو طولتها شوية هناك لكنت قد تعشيت على لحم البيكن (الخنزير) مع كاس النبيذ الآسترالي على دقة ساعة الإفطار.

خالص تحياتي

Unknown يقول...

هناك مليار ونصف من المسلمين فهل من المعقول أن تقوم حضرتك بالبحث عن تصرفات خرقاء وعقائد رجعية عند هؤلاء ثم تعيب على الاسلام بذلك؟ كنت أقبل منك لو أنك تكلمت عن عقائد (جوهرية)خاطئة يعتقد بها جم غفير من المسلمين (قتل المرتد-رجم الزاني-الخ)وهي (على فكرة) عقائد لا تمت للاسلام الحقيقي بصلة
تقبل مروري

غير معرف يقول...

و اسفاه يا اخ بصيص كم احتقر علمتء الدين بهذه الخرافات. كنت استمع محاضرة لستيفن هوكينغ منذ قليل و الان كدت ان اقتل نفسي بعد سماع هذا الاحمق فعلا بدات اصيب مثلك بالغثيان عندما استمع لهذا الفكر المتخلف و لكككككككك وااااا اسفاه متى سنستيقظ من سباتنا .. اعتقد انه سبات ابدي اذا لم ننقرض في القريب العاجل