الخميس، 15 مارس 2012

من أخطاء خلق السماء

::


إذا تعطلت سيارتك في الشارع، وتأخرت شوية على الشغل أو الغدا، فسوف تسب وتلعن مصنع السيارات على عدم إتقان منتوجاته. وإذا ضرب لابتوبك كراش ضيع عليك بضعة ساعات من العمل، فسوف تسب وتلعن بيل غيتز لعدم توفير نصف بالمئة من راتبه لتضبيط ويندوز. وإذا تعثرت على بلاطة بارزة في الشارع، ووقعت على الأرض وتبهدلت شوية أمام الناس، فسوف تسب وتلعن العمال لتصفيفهم الرديئ ...

ولكن إذا عانى أحد من إنفصال في شبكية العين أدى إلى عماه، أو أصابه ربو نكّد عليه عيشته، أو الأسوء، إذا تآمرت عليه خلاياه وكوّنت له سرطان مميت، فهل سيعزي من ينسب الخلق إلى الرب، هذا العطل الكارثي في جسده إلى جودة مصنوعية السماء؟

قطعاً لا، بل سوف يحدث العكس، أن المؤمن سوف يحمد الصانع على ماأصابه ويعزيه لحكمة سماوية لاتُفهم!!! أليس هذا تناقض صارخ في التفكير والمنطق؟ ولكن لاغرابة، فهكذا يقلب التلقين الأعور موازين التفكير ويعكس الرؤية.

إنما سيعرف اللامؤمنون بالحكمة الإلهية واللامقتنعون بالمفكات السماوية، والفاهمون للنظرية الداروينية وآلياتها الطبيعية أن تكوين جميع الكائنات الحية، من البكتيرية إلى البشرية، هي نتاج ترقيعات إنتخابية تراكمت عبر الزمن. والأدلة كثيرة على ذلك:

إضغط هـنـا وهـنـا وهـنـا لبعض الأمثلة، وهناك الكثير غيرها، وهذا البوست يضيف نموذج آخر لها.

إكتشف طاقم علماء من جامعة فيرجينيا في الولايات المتحدة، يترئسهم أنينديا دوتا، أستاذ الكيمياء العضوية وعلم الجينات، وجود دوائر صغيرة من الأحماض النووية DNA داخل نواة الخلية. هذه الدوائر مفصولة تماماً عن الكروموسومات التي تمثل سلسلة الأحماض النووية الرئيسية (الدائرة الصغيرة داخل اللولب الملوّن الكبير في الصورة). وحيث أن جميع التعليمات التي تتحكم في وظائف الجسم تأتي من سلسلة الأحماض النووية الموجودة في الكروموسومات، فوجود هذه الدوائر خارجها يعتبر كيان إضافي جديد داخل النواة. 

وقد تبيّن أن هذه الدوائر الصغيرة تنتمي (أو كانت تنتمي) إلى القسم المُفعّل الذي يشمل الجزء المُشفّر وجزء التحكم من السلسلة الرئيسية للأحماض النووية DNA  في الكروموسومات. ومعنى هذا أنها تمثل جزء من الشفرة النووية ذات الوظيفة الحيوية في الخلية، حيث أن النسبة الكبرى من الأحماض النووية في الكروموسومات ليست مشفّرة، أي لاتبني بروتينات. 

ولكن ماذا تفعل هذه الدوائر النووية خارج الكروموسومات؟ إقرؤوا باهتمام وتركيز مايقوله الأستاذ دوتا بشأنها، أترجمه لكم هنا مع إضافات توضيحية مني أضعها بين القوسين المربعين (واللون الأحمر مني لإبراز أهمية العبارة):

"أحياناً، [تكون عملية] نسخ الأحماض النووية [عند انقسام الخلية] غير متقنة. فبالرغم من ... آلية التصحيحات [التي تقوم بها الخلية] خلال الإنقسام، إلاّ أن في بعض المرات، تزيل عملية النسخ [بالخطأ] أجزاء صغيرة من الأحماض النووية [الوظيفية] كدوائر، وتترك خلفها نواقص في الكروموسوم".

هل تدركون مامعنى هذا؟

معناه أنه من الممكن أن تؤدي هذه الإزالة العفوية لجزء من الجينات إلى نتائج صحية وخيمة على الكائن. فمثلاً لو أزيل جزء من جين كبح الأورام السرطانية، فالنتيجة قد تكون كارثية.

ومعناه أيضاً، أن مثل هذه الإكتشافات تناقض بشكل صارخ مزعم الخلق الرباني، إذ لو كانت الكائنات الحية مصممة ومخلوقة من إله، فإن ذلك الإله لم يتقن صنعه!!! فكيف يمكن أن يحدث مثل هذا الخطأ الجسيم في إنقسام الخلية، بالرغم من وجود آليات في الخلية تجري تصحيحات على الأحماض النووية المنسوخة؟ ألا يشير هذا إلى أن الرب الذي صمم هذه الكائن، قد حاول تضبيط هذه العملية الحيوية الهامة، ولكنه فشل في مهمته؟ فالعملية لاتزال معرضة للخطأ، والخطأ الجسيم أيضاً.

تعرّض آلية حيوية كانقسام الخلية إلى وقوع أخطاء في وظيفتها، هو بحد ذاته من أكبر الدلائل وأهمها على عدم وجود تصميم مسبق لها ويمثل دليل آخر على صحة التطور. أو لو كان هناك مصمم لها، فالإستنتاج الوحيد لهذه الظاهرة هو أن المصمم قد أخفق في تصميمه. ومن يحاول التبرير بتعزية وقوع هذه الأخطاء الفادحة إلى الحجة الساذجة المسماة بالحكمة الربانية التي لاتشرح ولاتفسر شيئ، كما سيهرب إليها البعض، فليعلم أن هذه الأخطاء تقع بعشوائية تامة، فتضرب الطفل والمسن، والمؤمن والملحد، والإنسان والحيوان على حد سواء.

وعلى المؤمن أن يختار أحد هذان الترجيحان، مع الأخذ بعين الإعتبار أن العلم قد أثبت صحة أحدهما، ولم يجد دليل واحد على صحة الآخر.


* * * * * * * * * *

هناك 7 تعليقات:

Reham يقول...

انت رائع

عبدالعزيز يقول...

فعلا انت رائع
بصيص دائما مميز في مواضيع واسلوبك السهل الممتنع
اما الحكمه المزعومه للومنين ضعيفه جدا
لقد رايت بام عيني طفل لايتجاوز ٤ اعوام مصاب بالسرطان بين يدي والده كانه خشبه لايتحرك مخدر بالكامل
قلت له بلهجتي الكويتيه بو عبدالله عسى ماشر شفيه ولدك؟؟؟؟
اليوم اخذ جرعة كيماوي جديده
كم تالمت من هذا المنظر.
اين الذي رحمته وسعت السموات والارض؟؟؟؟؟؟
اين الذي انزل رحمه واحده يتراحم بها الخلق؟؟؟؟ واحتفظ ب٩٩ رحمه!!!!!!!
اين الذي ارحم من الام على ولدها؟؟؟؟؟؟
هل تعرف جوابهم مثل ماذكرت بصيص انها حكمه الله وانها رحمه وكفارة ذنوب لهم
وسوف يستدل بقصة الخضر التي في سورة الكهف
(((اما الغلام فكان ابواه مومنين فخشينا ان يرهقهما ظغياناً وكفرا)))
يتجنون على الطفل المسكين ويصفونه انه شر فوق مرضه واراد الله ان يخلصهم منه امره عجيب فوق مزضه هذا المسكين تاتيه تهمه ايضا.
مالهم كيف يحكمون!!!!!!!

غير معرف يقول...

أنا أشك في شي
انا نحن مجرد فئران تجارب لعالم مجنون

كل شي جايز:)

basees@bloggspot.com يقول...

العزيزة رهام ،،

أشكرك على إطرائك السخي، ويسعدني إستحسانك للمفالة.

مع خالص المودة

********************

العزيز عبدالعزيز ،،

شكراً على لطف مشاعرك وكلماتك الطيبة. من المؤلم حقاً مشاهدة الأطفال الأبرياء وهم يعانون بهذا الشكل. وربما اللجوء إلى الغيبيات في التعامل مع هذه الحالات يخفف من شعور الألم ويبث بعض الأمل، ولكنه في نفس الوقت يبعد عن الحقيقة والواقع ويدخل الإنسان في وهم هو أكثر ضرر عليه وعلى غيره. والأفضل هو مواجهة الجقائق ويتعامل معها كما هي.

خالص المودة

*******************

الأخ/ت الكريم/ة غير معرف/ة ،،

كما تقول/ين: "كل شيئ جايز"

خالص تحياتي

غير معرف يقول...

من الممكن ان يرجع احد المؤمنين هذا الخلل الجيني لخلق الله الانسان ناقصا و غير كامل
مجرد تصور لتعليل احد المتدينين

غير معرف يقول...

ههههههههههههههههههههههههه

Unknown يقول...

اخي الفاضل اشكرك على هذه المقاله وفعلن امر غريب ان تحدث اخطاء كهذه في الخلق..لكن شبهاتك التي تكتبها لا تكفي للايمان بعدم وجود اله ... هناك اشياء كثيره تثبت ان هناك قصد من الخلق ..كيف تفسر اختلافات المخلوقات ! اذا كان الخلق يأتي بالعشوائيه فالمخلوقات ستكون واحده لان القضيه عشوائيه وتتكرر .. كيف تفسر ان الانسان هو الوحيد العاقل والمبدع من بين المخلوقات لماذا المخلوقات الاخرى بهائم ! لماذا الانسان هو الكائن المسيطر والعاقل الوحيد اشياء كثيره تثبت ان الخلق ليس عشوائيا ..هناك خالق وراء كل شيء قد لا يكون الخالق الذي تتصوره الاديان الابراهيميه الله على سبيل المثال .. قد يكون خلقنا وتركنا لوحدنا وتجاهلنا لاننا لا شيء بالنسبه له لاننا مخلوقات حالنا كحال الصراصير وغيره من المخلوقات التي خلقها ...