السبت، 25 يونيو 2011

إستراحة الويك إند - ماها الشيئ؟ الإجابة

::


ماهو باعتقادكم هذا الـ ... همممم، كيف أصفه؟
هذا الــ "شيئ"، أعتقد أن هذا أنسب وصف له بدون تلميح.
هو شيئ في منتهى الغرابة ... لا، ليس منتهى الغرابة، فهذا وصف لايعطيه حقه، بل هو شيئ مذهل ... حقاً، بلا مبالغة، يستحق كتابة بوست كامل خصيصاً له. وسوف أكشف لكم ماهو هذا الـ "شيئ" بعد مرور 24 ساعة ... على الأقل، لكي أعطيكم فرصة للتعرف عليه، أو تخمين هويته. 

الجواب:

هذا الـ "شيئ" الغريب الذي يشبه البالون المنفوخ، هو حيوان صغير جداً لايتعدى حجمه 1.5 ملليمتر يعيش في الأماكن الرطبة والمائية ويسمى دب الماء Tardigrade وينتمي إلى فصيلة قريبة من القشريات كالربيان والمفصليات كالعناكب. له ثمان أرجل بدون مفاصل كما ترون من الصورة في أطرافها مخالب، يمشي عليها بترنح كمشي الدببة، ولذلك أطلق عليه إسم دب الماء.

والآن نأتي إلى كشف أسرار هذا المخلوق الجبار، فبالرغم من صغر حجمه وبساطة تكوينه فله هذه الخصائص العجيبة المدهشة:

* يتواجد في كل مكان رطب أو مائي على الكرة الأرضية، من قاع المحيطات إلى قمة جبال الهملايا إلى خط الإستواء.
* يتحمل ضغط عالي يفوق ضغوط الماء في قاع المحيطات بستة مرات، وضغط منخفض يكاد يكون معدوم في فراغ الفضاء.
* بالرغم من أنه حيوان مائي، إلاّ أنه يتحمل جفاف جسمه (وليس محيطه فقط) لمدة عشرة سنوات.

ولكن قدرته هذه هي التي تثير الذهول:

* يتحمل دراجة حرارة تصل إلى 150 مئوية، ودرجة برودة تقترب إلى برودة الصفر المطلق، أي -270 درجة تحت الصفر (درجة الصفر المطلق = -273.15). وهذه الحرارة للعلم يتوقف عندها كل شيئ حتى تذبب الذرات.

     

* * * * * * * * * *

الأربعاء، 22 يونيو 2011

كائنات تحت المجهر

::

نحلة (الفصيلة التي تستخدم في إنتاج العسل)


برغوث (الفصيلة التي تعيش في فروة الكلاب)



عنكبوت (من فصيلة العناكب القافزة)



نملة (فصيلة تسمى بالنملة السلحفاة)



يرقة (إستوائية)



دبور (زنبور)



برغوث (الفصيلة التي تعيش على جلد البشر)


* * * * * * * * * *

الأحد، 19 يونيو 2011

فتاوى الحاخامات لاتقل ضراوة أو غباوة عن فتاوى الجيران

::

نشر موقع البي بي سي الإخباري يوم أمس الماضي هذا الخبر، أترجم لكم الجزء المعني منه:

أصدرت محكمة حاخامية [في إسرائيل] حكماً على كلب [وسوف أذكر لكم ماهو هذا الحكم آخر الخبر بعد ترجمة الملابسات التي أدت إليه] نتيجة لتخوفها من أن الكلب هو تجسد [لروح] محامي كان قد أهان القضاة.

وكان الكلب قد دخل [قاعة] محكمة القدس المالية قبل بضعة أسابيع ورفض مغادرتها، وفقاً لتقرير أصدره موقع واي نت الإسرائيلي. وقد ذَكّر دخول الكلب أحد القضاة بلعنة وجهت إلى محامي علماني [توفى الآن] قبل عشرين سنة، عندما دعى القضاة على روحه بأن تدخل في جسد كلب.

إنتهى الخبر، نأتي الآن إلى الحكم الصادر بحق الكلب، وهو:

أن تلك المحكمة الحاخامية الموقرة قد حكمت حضورياً على المتهم المدعو الكلب إبن الكلب بالإعدام رمياً بالــ ... ماذا؟

بالحجارة!!!
أي رجماً حتى الموت، وذلك وفقاً للأحكام الجزائية المنصوص عليها في الفقه الحاخامي، لاشك تحت باب كيفية قتل الروح الملعونة. وقد عرفنا الآن طريقة قتلها وهي: تفليشها بالحجارة.

لم ينفذ الحكم، لأن الكلب هرب ... وأتصور أن دمه الآن مهدور وهروبه قد أثار مسابقة حامية الوطيس تجري مابين الحاخامات وهيئات الرفق بالحيوان على من يفوز بإصطياده ... لرجمه أو إنقاه.


المصدر
والصورة أعلاه ليست للكلب المعني في الخبر.
* * * * * * * * * *
 

السبت، 18 يونيو 2011

المياه المقدسة ملوثة

إختار الله بقعة على الأرض ليضع عليها بيته ويجعلها أقدس بقعة ... على الكرة الأرضية؟ لا، بل في الكون كله، خارج السماوات السبعة. هذه البقعة هي مكة وبيته هو الكعبة. ثم أخرج من تلك البقعة المقدسة ماء، وجعله أقدس ماء ... على الكرة الأرضية؟ لا، بل في الكون كله خارج السماوات السبعة. هذا الماء هو ماء بئر زمزم، الذي ينبع من وسط الحرم المكي على بعد لايتجاوز العشرين متر من الكعبة.

ألا نتوقع إذاً أن تلك المياه التي تنبع من جوار بيت الله الموجود في أقدس بقعة في الكون كله أن تكون أصفى وأنقى وأنظف وأصح مياه في الكون كله؟

هل لأحد أن يشرح لنا لماذا مياه زمزم ملوثة وسامة ومسرطنة؟؟؟



الخميس، 16 يونيو 2011

شجرة العائلة - تعرّف على الأسلاف

::
هذه شجرة العائلة البشرية التي تمتد إلى أصولنا الـــ ... الـــ ... الـــ ...... أوكي، كنت أريد أن أقول الـــ قـرديـة ولكني ترددت بسبب أن الكثير منا، نحن الكائنات البشرية الجميلة الذكية المنتصبة القامة التي تمشي على رجلين فقط بخلاف باقي الثدييات المنحنية "الجيكرة" التي تمشي على أربع، ونشترك، بالرغم من جمالنا وذكائنا وانتصاب قامتنا، بجيناتنا مع الـقـرود (الشيمبانزي) بنسبة 98.77%، ونصنف كأحد فصائلها، يرفض بشدة نسب أصوله إلى الــ قـرود.

فمراعاة لشعور هذه الفئة الكبيرة منا التي تعاني من حساسية مرهفة ضد تصنيفها مع الفصيلة المورفولوجية الجينية الصحيحة وهي الــ قـرود، فلن أستخدم كلمة قـرود للشرح في هذا البوست، وسوف أستبدل هذه الكلمة المكروهة المذمومة لديهم، أقصد الـ قـرود، التي لن أستخدمها ولن أذكر أنها قـرود بكلمة أخرى أخف وقعاً على آذانهم وأقل لوعة لأكبادهم، وهي ليست كلمة قـرود إنما:

لاقـرود  

أوكي؟

نرجع الآن إلى لب الموضوع بعد هذه المقدمة الإسترضائية الطويلة. فهذه الصور الـلاقـردية تمثل شجرة العائلة، وتتكون من تسلسل شكلي مبني على الإكتشافات البيليونتولجية الحفرية لبقايا العظام المتحجرة لإسلافنا الـلاقـردية. وهي آخر نسخة منقحة وفقاً لماتوصلت إليه الإكتشافات الحفرية إلى الآن، والتي لاتزال طبعاً مستمرة في عدة مواقع في أفريقيا وخارجها. ولاشك أن التعديل والتنقيح سوف يستمر مع أي إكتشافات جديدة في المستقبل.

أما للوقت الحاضر، فصورة هذه الشجرة العائلية الـلاقـردية يجب أن تعلق على الحائط بجانب أي شجرة أسرية هوموسابيانية حديثة لإكمالها. 


الجد ساهيلانثربس بن تكيدنسس Sahelanthropus tchadensis
وقد عاشت فصيلة جدنا هذا في الفترة من قبل 6 إلى 7 ملايين سنة، وكانت تتواجد في المنطقة الغربية من أفريقيا (تشاد). وبالرغم من أن حجم مخ أعضاء هذه الفصيلة لايتعدى حجم مخ الشيمبانزي، إلاّ أنها كانت تمشي على رجلين وكانت أسنانها النابية صغيرة مثلما كانت أنياب البشر الأوائل (والأسنان هي أحد أهم الدلائل المستخدمة في تصنيف الفصائل البشرية القديمة)



الجدة أورورين بنت تَجننسس Orrorin tugenensis
عاشت في الفترة من قبل 5.8 إلى 6.2 مليون سنة، وتواجدت في المنطقة الشرقية من أفريقيا (وسط كينيا). وقد دلت عظام الفخذ المكتشفة على أنها كانت تمشي منتصبة القوام على قدمين، ولكن عظامها الأخرى تُظهر خصائص قردية، مثل عظام اليد التي تشير إلى قدرتها على تسلق الشجر ونوع أسنان الرحى والأنياب.




الجد آرديبيثيكس بن كادابا Ardipithecus kadabba
(لاتوجد له صورة معينة فلامانع من استخدام صورة أورورين لتشابه ملامح هذه الفصائل)
وقد عاش في الفترة من قبل 5.2 إلى 5.8 مليون سنة، وكان يتواجد في المنطقة الشرقية من أفريقيا (وادي آواش في أثيوبيا). وقد أشارت عظامه إلى أنه كان يسكن الأدغال الكثيفة، مما يدل على أن خاصية المشي على رجلين لم تتطور في مناطق السافانا المفتوحة كما كان يُعتقد سابقاً بل الأرجح في الغابات.




الجدة آرديبيثيكس بنت راميدس Ardipithecus ramidus
وهذه هي جدتنا الشهيرة التي حاول المحررون الإخباريون الملفقون في قناة الجزيرة قبل سنتين لوي محتوى البيانات العلمية بخصوصها للطعن في نظرية التطور. وقد عاشت قبل حوالي 4.4 مليون سنة، وتواجدت في مناطق أفريقيا الشرقية (وسط آواش وغونا في أثيوبيا). وتدل عظمة حوظها وعظام أطرافها أنها كانت تمشي على رجلين، ولكن أصابع رجليها تدل على أنها كانت متسلقة أيضاً.




الجد أوسترالوبيثيكس بن أنامنسس Australopithecus anamensis
وقد عاش في فترة ماقبل 3.9 إلى 4.2 مليون سنة، وكان يقطن المناطق الشرقية من أفريقيا (بحيرة تركانا في كينيا ووسط آواش في أثيوبيا). وعظمة ساقه تدل على أنه كان يمشي على رجلين بشكل روتيني. كما تشير الإكتشافات على أنه كان يعيش في المناطق النهرية الغابية.




الجدة أوسترالوبيثيكس بنت أفارنسس Australopithecus afarensis
وهذه جدتنا الشهيرة لوسي التي كتبت عنها بوست ببعض الإسهاب هـنـا. وقد عاشت ماقبل 2.95 إلى 3.85 مليون سنة، وتواجدت في مناطق أفريقيا الشرقية (كينيا وأثيوبيا وتنزانيا). وتميزت هذه الفصيلة بملامح وجهها القردية الـ لاقردية كما ترون، وأيضاً في حجم مخها الصغير وقوة يديها وأصابعها للتسلق. إنما حجم جسدها كان صغيراً نسبياً كما كان حجم أسنانها. وتميزت أيضاً بأقدامها المقعرة التي تشبه قدام البشر إلى حد بعيد، مما مكنّها من المشي على رجلين بشكل روتيني.




الجدة أوسترالوبيثيكس بنت أفريكانَس Australpithecus africanus
عاشت في الفترة ماقبل 2.1 إلى 3.3 مليون سنة في مناطق جنوب أفريقيا. وقد أكتشف عظامها المتحجرة سنة 1924، وكانت أول فصيلة بشرية قديمة تكتشف في أفريقيا. ويُعرف عن فصيلتها من خلال فحص أسنانها أنها كانت نباتية تأكل تشكيلة من الخضار والفواكه والمكسرات والحبوب والبيض مشابهة لما يأكله الشيمبانزي اليوم.




الجد أوسترالوبيثيكس بن غاري Australopithecus Garhi
وقد عاش قبل حوالي 2.5 مليون سنة، وتواجد في مناطق شرق أفريقيا (أواش في أثيوبيا). كان لجدنا هذا، حسب ماتشير إليه عظامه، وجه مشابه لوجه لوسي، ولكن أسنانه كانت أكثر شبهاً بأسنان البشر. إنما عظام فخذيه فقد كانت أطول نسبياً من عظام أفخاذ فصائل الأسترالوبيثيسين الأخرى التي ينتمي لها، مما يدل على أن مشيه على رجلين كان أكثر تطوراً من باقي أعضاء فصائله السابقة كلوسي.




جدنا هومو بن رودولفنسس Homo rudolfensis
عاش من قبل حوالي 1.8 إلى 1.9 مليون سنة في مناطق أفريقيا الشرقية (شمال كينيا ومن المحتمل شمال تنزانيا والملاوي). وتتميز هذه الفصيلة عن الفصائل السابقة بالزيادة في حجم المخ الذي نمى من حوالي 350-500 سنتمتر مكعب كما كان في الفصائل السابقة كمخ لوسي ووصل إلى 775 سنتمر مكعب في هذه الفصيلة (حجم مخ الإنسان الحالي حوالي 1400 سنتمتر مكعب. ولاحظوا التدرج في زيادة حجم المخ مع تطور هذه الأسلاف: 350-500 سنتمر معكب للوسي قبل 3-4 ملايين سنة، إلى 775 س م لهومو ردولفنسس قبل مليوني سنة إلى فصيلتنا الحالية هومو سابيين 1400 س م). كما كان يتميز أيضاً بوجهه الطويل وأسنانه الكبيرة.




جدتنا هومو بنت هابيليس Homo habilis
عاشت قبل حوالي 1.4 إلى 2.3 مليون سنة في مناطق شرق وجنوب أفريقيا. وإسم "هابيليس" يعني "الماهر" لأن فصيلتها كانت أول فصيلة بشرية صنّعت أدوات من الحجارة. 




قريبنا هومو بن إريكتس Homo erectus
وقد عاش مابين 700000 إلى 1.89 مليون سنة وأنتشر في مناطق عديدة تشمل: شرق وشمال وجنوب أفريقيا، وشرق وغرب آسيا. وهناك دلائل تشير على أن هذه الفصيلة البشرية كانت أول الفصائل التي أستخدمت المواقد النارية، وأول من أكلت اللحوم ولب العظام بشكل مكثف. كما أن الدلائل الحفرية تشير إلى أنها كانت تعتني بالمسنين والضعفاء منهم.




قريبنا هومو بن هايدلبرجنسس Homo heidelbergensis
عاش قبل 200000 إلى 700000 سنة في أوروبا وإحتمال في مناطق الصين وشرق وجنوب أفريقيا أيضاً. كانت فصيلة قريبنا هذا أول الفصائل البشرية التي وصلت إلى المناطق الشمالية الباردة في أوروبا، كما أن هناك أدلة تشير إلى أنها كانت أول من بنى المساكن أيضاً وأستخدمت الرماح في صيد الحيوانات.




قريبتنا هومو بنت فلوريسيَنسس Homo floresiensis  
عاشت مابين 17000 و 95000 سنة في آسيا (إندونيسيا بالتحديد). وهذه الفصيلة البشرية هي آخر الفصائل البشرية الأخرى التي عاشت بيننا طوال تواجدها قبل أن تنقرض مؤخراً. وهي أصغر الفصائل البشرية المعروفة، وكانت تتميز بحجم مخها الصغير الذي لايتعدى حجمه ثلث حجم المخ البشري اليوم. 




قريبنا هومو بن نياندرتالنسس Homo neanderthanlensis
وقد عاش قبل 28000 إلى 200000 سنة في أوروبا وفي وسط وجنوب شرق آسيا. وقد تميزت هذه الفصيلة من الأقارب ببروز واضح لوسط وجوهها وضخامة حجم أنوفها (يعتقد لمساعدتها في تسخين الهواء البارد قبل دخوله إلى رئاتها). كما كانت أجسادها تتميز بقصر الأطراف وإستدارة الجذع لحفظ حرارة أجسامها في المناطق الباردة التي كانت تقطنها في العادة. والأدلة تشير إلى أن هذه الفصيلة هي أول بشر أستخدم الملابس للتدفئة، وأول من إستخدم اللغة في التواصل، وأول من بدأ بدفن موتاها وأول من أستخدم الرموز.



البشـر الحالييـن Homo sapiens


أنت أحدهم

ملاحظات: 

* هناك فصائل أخرى لم أضفها إلى هذه المجموعة تفادياً لإطالة الموضوع.
* الصور المستخدمة قد بنيت على مايعرفه العلماء عن الجماجم الكتشفة.
* إستخدام كلمة "جد" و"جدة" وأقارب في هذا الموضوع هو إستخدام إعتباطي للدعابة فقط، لأن هناك تشابك كبير بين هذه الفصائل القديمة، ولايعرف بعد إلى أي منها بالضبط تنتمي الفصيلة البشرية الحالية. إنما لايوجد شك بأن بعضها أصول وبعضها فروع سابقة لشجرة الأصول البشرية. كما أن إستخدام كلمة "بن" و"بنت" هو أيضاً للدعابة إذ لاتنتمي هذه الكلمات للتسميات العلمية.
* التسلسل العمودي للفصائل في هذه الشجرة لايعكس بالضرور التسلسل الحقيقي الذي حدث، لأن المعلومات المتوفرة ليست متكاملة حتى تعطينا صورة دقيقة عن أنسابنا القديمة، إنما هو تسلسل محتمل حسب ما تشير إليه المعلومات الموجودة.

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

معركة في الشارع

(أرفع على الصوت)



يبدو من هذا الفيديو كليب، أن أحد الغرابين نجح في استفزاز القط الأبيض وهيج بذلك حالة توتر بين القطين أدت إلى نشوب معركة بينهما. والسؤال هو لماذا؟

حسب تفسير جِف بودوس، أستاذ علم الأحياء في جامعة ماساتشوستس، لتصرف هذا الطير، أن هذين الغرابين لهما عش في مكان قريب يحتوي على فراخهما. وتصرفهما هو تصرف طبيعي، وذكي في الحقيقة، لحماية العش بصرف إنتباه القطط، التي تستطيع تسلق الشجر وربما أكل الفراخ أو قتلها، وإبعادهما عنه. وبهذا الإستفزاز فقد نجحا في خلق معركة بين عدويهما صرفت الإنتباه عن العش والفراخ وأبعدت الخطر عنهم - مؤقتاً على الأقل.

* * * * * * * * * *

الأحد، 12 يونيو 2011

الأدلة الآركيولوجية للديانات الإبراهيمية - الجزء الثاني

::


لقراءة الجزء الأول  إضغط هـنـا 

إذاً كما رأينا من تصريحات علماء الآركيولجيا في الجزء الأول، أن شخصية إبراهيم لاتدعم وجودها أي دلائل آركيولوجية أو سجلية، فهي لاتصنف من قبل هؤلاء العلماء بأنها شخصية تاريخية، بل يبدوا أنها مجرد كيان قصصي متناقل يفرض وجوده التراث الديني. 

ولكن ماذا عن الشخصيات الأخرى الموجودة في العهد القديم [ومنها القرآن أيضاً]؟ ماذا عن شخصية موسى؟ هل يستطيع فنكلستاين وسيلبرمان العثور على أي أدلة ملموسة تدعم وجوده؟

تبدأ قصة [النبي] موسى في العهد القديم بقصة [النبي] يوسف بعدما حضر إخوانه - يمثلون كلهم الأسباط اليهود الإثنى عشر من أولاد يعقوب - ليعيشوا في مصر. ولكن مع مرور الوقت وبعد موت فرعون الذي آواهم في عهد يوسف، يستعبد الفراعنة اللاحقون أجيال بنو إسرائيل إلى أن يولد بينهم موسى. وأغلبنا يعرف قصة موسى مع فرعون فلا داعي لتكرارها، إنما نذكر مايعنينا منها وهو قصة هروبهم الجماعي من مصر وتيههم في صحراء سيناء في طريقهم للعودة إلى أرض كنعان.

وفي هذا السياق، يجيب الأستاذ دونالد ريدفورد من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وهو أحد أكبر خبراء الآثار المصرية، على سؤال طرحه عليه سيلبرمان مفاده:

كيف تفسر نظرية خروج هذا العدد الكبير من مصر [بالملابسات المذكورة في العهد القديم والقرآن]، هل هذا ممكن؟

فيجيب دونالد ريدفورد بقوله:

"لاأستطيع تفسيرها لو كنت مؤيد لهذه النظرية. فقد كانت مصر لخمسة قرون، منذ القرن الخامس عشر وإلى القرن العاشر قبل الميلاد، تحكم أكبر إمبراطورية خلال ذلك الوقت، إمتدت لألفين ميل، من الخرطوم [في السودان] إلى قرب نهر الفرات. وكان لها جيش ضخم [مهيأ] للغزو، وكانت قوتها الإقتصادية شديدة للغاية. وكانوا يحتلون كنعان بأكملها مع امتداد نفوذهم إلى الجزر اليونانية وجزيرة كريت ... "

وألفت إنتباه القارء إلى هذه الجزء من جواب ريدفور بتلوينه بالأحمر لإبراز أهميته:

"... ولاتوجد بتاتاً أي إشارة في السجلات [الفرعونية القديمة]، سواءً الآركيولوجية أو المكتوبة، لأي ثغرة [سكانية] كبيرة سببتها مغادرة مايقارب المليونين، لو صدقنا السجل الإنجيلي. فهذه [المغادرة] كانت لتسبب ثغرة ضخمة في [حجم] السكان توقف [العجلة] الإقتصادية وتُذكر في السجلات [الأثرية] ... [إنما] لاتوجد إشارة [لمثل هذا الحدث في السجلات] إطلاقاً".

كما يذكر العهد القديم أن موسى وبنو إسرائيل [مليونين منهم لاننسى، برجالهم ونسائهم وأطفالهم] قد تاهو في الصحراء لمدة أربعون عاماً في طريق العودة إلى كنعان، وأنهم قد عاهدوا موسى خلال تلك الرحلة على ترك عبادة الأوثان وتبني عبادة الله وحده. إنما هل كانت تلك الرحلة التي إستمرت أربعون سنة في صحراء قاحلة ممكنة؟

يجيب دونالد ريدفورد على هذا التساؤل بقوله:

"كانت في جميع أنحاء الدلتا الشرقية [لنهر النيل] وفي صحراء سيناء والنقب والمناطق الشمالية، ثكنات عسكرية مصرية ثابتة مع نقاط تفتيش. وتوجد لدينا سجلات - الرسائل التي أرسلت وسجلات الشرطة [المصرية القديمة] - عن تحركات الناس المتجولين. 

فبالتأكيد لم تكن هناك إمكانية إطلاقاً لمجموعة من الناس بهذا العدد الضخم في التحرك بحرية عبر الصحراء وإلى النقب. لاإمكانية إطلاقاً. بالإضافة إلى أنه في غاية الغباء أن يتجهوا نحو الشمال إلى هذه الأرض الشحيحة المقفرة التي تتواجد فيها الجبال في كل مكان ويندر فيها الماء والطعام ...

هذه القصة غير متراكبة [على بعضها، أي غير مقنعة] ..."

وإن لم تكن هذه اللامعقولية في قصة خروج بني إسرائيل من مصر كما جائت في النصوص التوراتية والقرآنية كافية، فهناك مشكلة أكبر من ذلك وهي:

أن خلال الفترة التي يفترض أن الخروج حدث فيها، كانت أرض كنعان في الحقيقة مستعمرة مصرية لها حاكم مصري يسنده جيش كبير وثكنات عسكرية قوية هناك، وكان النفوذ المصري يسيطر تماماً على المنطقة. هذه حقيقة تدعمها الكثير من الإستكشافات الحفرية في المنطقة. مما يعني أن بنو إسرائيل قد هربوا من السلطة المصرية في مصر ليعودوا إليها في كنعان!!! 

هذا مايخص أحداث قصة موسى، ولكن ماذا عن شخصية موسى نفسها؟ هل كان موسى شخصية تاريخية حقيقية؟ هل هناك أي أدلة آركيولوجية أو سجلات تدعم وجوده؟

يجيب الأستاذ جون فان سيترز بقوله:

"إسم موسى هو إسم رائج، من أوائل تلك الحقبة إلى أواخرها. فقد كان إسم مصري شائع، وهذا كل مانعرفه عنه. فلا يوجد هناك سجل نستطيع أن نتعرف من خلاله على أن هذا الموسى أو ذاك الموسى هو الموسى [المقصود]".

ويضيف فينكلستاين قائلاً:

"التساؤل عن [مصداقية] تأريخ موسى هو نفس [التساؤل عن] تأريخ إبراهيم، فقد يكون هناك شخص أو قائد يسمى موسى، إنما هدفي ليس تقويض [مصداقية] تأريخ موسى فقد يكون هذا محتمل إنما لايمكن التأكد منه".

يتبع ...

الجمعة، 10 يونيو 2011

أعناق البشر تحت سكاكين الفتاوى

::
With or without God, good people will do good things, evil people will do evil things. But for good people to do evil things, it takes: RELIGION
(Steven Weinberg)

مع الإله أو بدونه، الطيّبين سوف يعملون الطيّب، والأشرار سوف يقترفون الشر. إنما للطيّبين أن يقترفوا الشر، فسوف يحتاجون إلى: الـديـن
(ستيفن واينبرغ)

هذه مقابلة مع أحد المتهمين يصف فيها جريمة بشعة إقترفها هو وعصابته في العراق سببها، حسب أقوال المتهم، فتوى أصدرها أميرهم. وأحذر المشاهد أن تفاصيلها مروعة.



والشكر موصول للأخ يوسف على الوصلة

* * * * * * * * * *

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

شيئ من لاشيئ

::


أنقروا على هذه الصورة لتأخذ مساحة الشاشة بأكملها، ثم تمعنوا بها جيداً. إحتضنوها بنظراتكم وأطلقوا لها مشاعركم وقبّلوها بأناملكم إن لم تكن بشفاتكم، لأنها أجمل صورة رسمتها البشرية منذ أن أدرك الإنسان وجود الجمال وعبر عنه بالريشة والخيال ...

إنها صورة جنين ... أنظروا ماأجمله ... ألاتشعروا برغبة عارمة في إعتناقه وتقبيله؟

أوكي .. أوكي .. يمكن جرفتني العواطف وبالغت شوية. فلاداعي لإعتناق وتقبيل الشاشة، ولاأتصور أن صورة مبقعة ببعض الألوان ستهيج المشاعر. إنما هي فعلاً صورة لجنين ...

هي صورة للكون عندما كان جنيناً عمره 380000  سنة من بعد تكوينه - أي مايعادل جنين عمره 12 ساعة لإنسان بلغ الآن 50 سنة.

طبعاً هي ليست صورة للكون نفسه في ذاك الوقت، فهذه المرحلة قد فاتتنا للأسف بحوالي 13.3  بليون (مليار) سنة ولم نحصل على الفرصة لتصويرها آنذاك كوننا لم نخلق بعد، لانحن ولا الكرة الأرضية أو الشمس، بصرف النظر عن تهاريف بعض الكتب اللاهوتية. إنما هي صورة لإشعاعات المايكرويف الكونية (الحرارية)  Cosmic Microwave Background  التي إنبثقت من تفاعلات المادة في تلك الحقبة لتطور الكون، وظلت باقية إلى اليوم تعكس الحالة التي كان عليها ذاك الحين وتزود العلماء بمعلومات في غاية الأهمية عن نشأته.




هذه الصورة إلتقطها التلسكوب الراديوي  WMAP  التابع لناسا  NASA  الذي أطلق في الفضاء عام  2001  لتحقيق هذا الهدف بالذات. إنما مايعنينا في هذا البوست هو البقع الظاهرة في الصورة والمللونة بالأخضر والأزرق والأصفر والأحمر. لماذا كان الكون مبقع بهذا الشكل الذي يظهر عليه اليوم؟

هذا سؤال جوابه حَرِج، بمعنى أنه يمس أقدس المبادئ اللاهوتية التي يعتنقها أكثر من نصف سكان العالم. فهو يتعلق بالآلية التي أوجدت الكون، وهي حسب المعطيات الفيزيائية الكوانتية المتوفرة لدينا الآن والتي تسندها الأبحاث الجديدة وتؤكدها هذه الصورة، أن الكون قد نشأ تلقائياً وفقاً للقوانين الطبيعية بدون تدخل إله. وسوف أشرح لكم باقتضاب كيف:  

توجد ظاهرة طبيعية تحدث في كل مكان في الكون، تسمى بـ التموج الكوانتي  Quantum fluctuation   (أو الإهتزاز الكوانتي) تتمثل بظهور جزيئات في غاية الصغر، لاترى ولايُحس بها، تتكون من نوعين: النوع الأول هو المادة المألوفة التي يتكون كل شيئ حولنا منها، والنوع الثاني هو ما يسمى بضد المادة التي تطابق المادة العادية بالكتلة إنما تحمل شحنة كهربائية معاكسة، تظهر من الفراغ، أي من لاشيئ - أكرر هذه العبارة للإهمية: تظهر من الفراغ - لفترة قصيرة جداً ثم يصطدم النوعان ببعضهما  ويتلاشا. (هذه الظاهرة بالمناسبة لاتتعارض مع القانون الأول للديناميكا الحرارية الذي ينص على أن المادة لاتفنى ولاتستحدث من عدم، لأن مبدئ مايسمى بـ مبدأ عدم التأكد  Heisenberg Uncertainty Principle  لايسمح بهذه الظاهرة فحسب بل يفرضها).

ويوجد دعم كبير الآن بين علماء الفيزياء لفكرة أن الكون قد ظهر من خلال هذا التموج الكوانتي حين كان في تلك البرهة الإبتدائية أصغر حجماً من الذرة وتوسع إلى حجمه الحالي عبوراً بعدة مراحل أولية أدت إلى تكون المادة كما هي الآن.

والبقع الظاهرة في الصورة ليست في الحقيقة بقع فعلية موجودة في الكون إنما هي مجرد إنعكاس في الإختلاف الطفيف لدرجة حرارة هذه الإشعاعات المنتشرة في كل مكان تعكس ماحدث خلال تلك اللحظات الأولية لظهور الكون وتشير إلى حدوث تكتلات في توزيع المادة خلال إنتشارها في تلك الحقبة الأولية سببها التموج الكوانتي الموجود منذ بدأ ذلك الحدث.

هذه الصورة تضيف إلى معلوماتنا عن أحداث تلك المراحل الإبتدائية وتسند فكرة ظهور الكون من الفراغ دون الحاجة لتواجد عوامل ماورائية غيبية لمبادرة الخلق. فالعوامل التي أدت إلى ظهور الكون، كما تشير إليها الكثير من الأبحاث والإستكشافات الحديثة، هي عوامل آلية تجري ضمن القوى الطبيعية وقوانينها.  

* * * * * * * * * *

الأحد، 5 يونيو 2011

مالذي في الصورة؟

::

عندما أراني أحد الأصدقاء هذه الصورة وسألني ماتلك الحبيبات المللونة فيها، لم أعرف ماهي. إنما أصبت بالدهشة عندما كشف لي ماذا تمثل. وسوف أطرح عليكم نفس السؤال:

ماتلك الحبيبات الظاهرة في الصورة؟

الجواب (بعد يومين من الإنتظار): البطاريق الملكية  King Penguin :


والتكتلات البنية اللون الظاهرة في الصورة الأولى هي لفراخ هذا الطائر كما ترون أحدها يقف بكل إعتدال وأدب للكاميرا في الصورة الثانية. إذ تتجمع هذه الفراخ مع بعضها تحت إشراف بعض البطاريق البالغة بينما يذهب الأبوان في رحلات صيد لإحضار الطعام لهم. والعجيب في هذه التجمعات الهائلة، أن كل من الذكر والأنثى يستطيع تمييز الآخر وتمييز فرخه من بين آلاف البطاريق الأخرى ...

تعظيم سلام للبطريق الملكي:


   
(إضغط على الصور لتكبيرها)

* * * * * * * * * *

الجمعة، 3 يونيو 2011

التطور حقيقة .. قُبلت أو رُفضت - الطرح الرابع

كان ياماكان في قديم الزمان، سلف يتعلق على الأغصان
يغطي الشعر جلده، ويتدلي ذيل من ظهره

صار إنسان ومشى برجلين، وطاح الشعر كله بعدين
واختفى الذيل قبلها بفترة، بس ظلت بقاياه لاتزال ظاهرة

وهذا هو لايزال يتدلى منا كلنا: 




العظام الظاهرة في المربع الأحمر لهذا الهيكل العظمي البشري هي فقرات الطرف السفلي للعمود الفقري، وتسمى بفقرات العصعص  Coccyx. هي بقايا الذيل الذي كان يتدلى من ظهور أسلافنا لايزال موجود بمؤخراتنا.



التطور حقيقة
* * * * * * * * * * 

الأربعاء، 1 يونيو 2011

الأدلة الآركيولوجية للديانات الإبراهيمية - الجزء الأول

::

سوف أبدأ بنشر سلسلة من البوستات لتغطية موضوع كتاب قرأته قبل بضعة سنوات أعجز عن وصف أهميته البالغة لكل باحث صادق يريد معرفة النظرة العلمية حول منبع العقيدة الإبراهيمية - الإسلام والمسيحية واليهودية.

إسم الكتاب "كشف الإنجيل"  The Bible Unearthed كتبه إسرائيل فينكلستاين Israel Finkelstein ، إستاذ علم الآركيولوجيا في جامعة تل أبيب، بالتعاون مع نيل سيلبرمان  Neil Silberman، من قسم الأنثروبولوجي في جامعة ماساتشوستس حالياً. وقد أحدث هذا الكتاب عند نشره عام 2002 زوبعة عارمة في حقل الأركيولوجيا التوراتية (الحفريات الأثرية المتعلقة بالإنجيل)، وأدى فيما بعد إلى إنتاج برنامج وثائقي حول الإستكشافات التي ظهرت خلال العقود الأخيرة والتي يتناولها الكتاب بتفصيل دقيق، بث على القناة الخامسة (على ماأتذكر) للتلفزيون البريطاني قبل بضعة سنوات.

يتناول الكتاب منبع الديانات الإبراهيمية - جذورها التوراتية ومسارها خلال الألفية الأولى قبل الميلاد - ليس من منطلق النصوص التوراتية إنما من مستند الدلائل الآركيولوجية المكتشفة الملموسة.

تلخيص هذا الكتاب في بوستات أنشرها في المدونة، كان مشروع يدور في ذهني منذ عدة سنوات، لم أتمكن من تنفيذه لعدم توفر الوقت الكافي لدي. إنما حالياً توجد لدي ثغرة قصيرة في أعمالي وإلتزاماتي أرجو أن أتمكن من تحقيق تلك الرغبة قبل أن تردمها أعباء الحياة. ولذا فسوف أحاول في هذه المساحة الزمنية المتاحة أن ألخص، ليس الكتاب لأنه أسهب مما يمكنني تلخيصه في بضعة بوستات، إنما محور الموضوع كما بث في البرنامج المذكور، الذي هو بدوره نسخة مختزلة ممتازة من الكتاب.

لاشك لدي بأن بعضكم سوف يُصدم من المعلومات الواردة فيه والمدعومة بالدلائل الآركيولوجية والإستنتاجات العلمية التي تؤكدها. فالبرغم من أن الكتاب والبرنامج المبني عليه لايتطرق بشكل مباشر إلى القرآن، إنما أغلب قصص التوراة محل الطرح هي نفس القصص الموجودة في القرآن. ولذا فأن دلائل أحداث وشخصيات قصص التوراة هي بالضرورة نفس دلائل أحداث وشخصيات قصص القرآن.

(مايلي هو موجز مقتضب لماورد في البرنامج، مترجم بتصرف ومحرر بدون الخروج عن أو التعديل في المضمون. وقد إضطررت لأن أتبع هذا الأسلوب بسبب طول الموضوع وتجنباً للجوء إلى الترجمة الحرفية التي قد تؤدي إلى ركاكة في السياق والصيغة للنسخة العربية. ومابين الأقواس المربعة هي أقوالي أنا، أضفتها للتوضيح).

الأساس الذي تنطلق منه وترتكز عليه الديانتي اليهودية والمسيحية هو العهد القديم - الإنجيل اليهوديٍ - والكثير من القصص الواردة فيه موجودة أيضاً في نصوص القرآن. فهذه الوثيقة القديمة تفرض نفوذاً هائلاً على تشكيل وقولبة ثقافة وسياسة وقيم مجتمعات الشرق الأوسط والمجتمعات الغربية على حد سواء، وقد تسببت في إندلاع حروباً شعواء وصراعات مميتة واختلافات عميقة وكره وعدوانية بين معتنقيها عبر العصور، ولاتزال القوانين القضائية والمفاهيم الأخلاقية والمناهج التربوية تستند على تعاليمها إلى اليوم.

فشدة هذه الصراعات وعمق الخلافات المترتبة عليها تحتم إذاً معرفة مدى صحة مايرد في هذه الوثيقة المسماة بالعهد القديم، فتعالوا معي لنكشف أسرارها.

مر علم الآركيولوجيا الإنجيلية خلال العقود القليلة الماضية في مايشابه بالثورة. فمن خلال استخدام منهجية علمية أوسع، حصل الجيل الجديد من علماء الحفريات الآركيولوجية على معلومات أوسع، كما أن تغير الوضع السياسي في الشرق الأوسط قد شجع على القيام بحفريات عديدة هامة كشفت بدورها عن الكثير من الأدلة الجديدة. وفي خضم هذه التطورات، أصدر فينكلستاين وسيلبرمان كتابهما الذي يطرح قراءة راديكالية جديدة لتاريخ بنو إسرائيل وأصل الإنجيل تحدت بشدة العلم الآركيولوجي الإنجيلي التقليدي الذي كان سائداً قبله.

يقول سيلبرمان:

"قبل مئة عام، كلما أراد علماء الآركيولوجيا تفسير قطعة أثرية ما، نسبوها لحقبة معينة ضمن ماورد في الأنجيل. فكانوا يعزون القطعة إلى زمن يشوع أو عاموس مثلاً. ولكن منهجنا في التفسير [الآن] يختلف تماماً، فنحن نعتبر الدليل [القطعة الأثرية] هو المعلومة الأساسية التي ننطلق من خلالها لنبني قصة الحضارة [التي تنتسب لها]. ونرى تبعاً لذلك أن الإنجيل ماهو إلاّ رمز للتغيرات الجوهرية التي طرأت على المجتمع" [خلال تلك الحقبة].

ويتبعه فينكلستاين بقوله:

"لقد حصلنا لأول مرة على معلومات [آركيولوجية جديدة]، ليس فقط في المناطق الرئيسية بل في المناطق الريفية أيضاً. فإمكانية المسح [الآركيولوجي] للهضاب والمناطق الأخرى قد أدت إلى ثورة في معلوماتنا عن الشعوب القديمة لهذه المنطقة وأدت إلى تحول في المنهج الآركيولوجي، من الأسلوب القديم إلى أسلوب علمي أعمق مدعم من علماء أخرون في شتى المجالات".

فحسب رواية العهد القديم لأصل بنو إسرائيل، أن تاريخهم قد بدأ بهجرة لأسرة بدوية إنتقلت من أرض العراق واستقرت في أرض كنعان بقيادة زعيم لهم يسمى إبراهيم [النبي إبراهيم] كما هو مذكور في سفر التكوين [إبرام كان إسم إبراهيم في العهد القديم]:

 وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ». (سفر التكوين - إصحاح 12 الآيات 1،2،3)



تلك الأرض التي يقول النص أن الرب سيريها لإبراهيم كانت كنعان [أرض فلسطين وإسرائيل اليوم]، ووفقاً للعهد القديم فقد وعدها الله لإبراهيم ونسله ليمتلكوها إلى الأبد. وهذه الآية التوراتية هي أصل فكرة الأرض الموعودة لليهود. وقد حاول علماء الآركيولوجيا طوال المئة سنة الماضية إثبات قصة إبراهيم من خلال العثور على دلائل آركيولوجية تشير إلى هجرة تتوافق مع الحقبة المشار إليها في التوراة.

فيقول فينكلستاين بهذا الصدد:

"جميع الفرضيات المطروحة [سابقاً]، من الألف إلى الياء، عن هجرة [إبراهيم] من الشمال لم تعد تقبل اليوم. فبينما كانت تلك الفرضية فكرة لطيفة إنما [إتضح أنها] تخلو من أي سند. إذ أن السكان [في كنعان] كانوا ينتمون خلال بداية الألفية الثانية قبل الميلاد [وهي الحقبة التي يفترض أن إبراهيم قد هاجر فيها إلى كنعان] إلى نفس المنطقة، فلم تكن هناك هجرة من الشمال من الممكن أن ننسب إبراهيم إليها".

ويضيف الأستاذ جون فان سيترز  John Van Seters - العالم المتميز المتخصص في الدراسات الإنجيلية والتاريخ القديم للشرق الأدنى من جامعة نورث كارولاينا الأمريكية - بقوله:

"الصورة العامة الموجودة في الإنجيل عن الحياة البدوية، لاتعكس بشكل قوي مانعرفه عن البداوة. فالبدو في أحيان كثيرة يغزون مناطق الحضر ويسلبونها. كما أن هناك إشارة [في الإنجيل] إلى الجِمال، إنما [إستخدام] الجِمال عند البدو أتى بعدها بفترة طويلة. فلم يكن للجِمال وجود هناك خلال تلك الحقبة".

وبعدما وصل إبراهيم إلى كنعان، يقال أنه قد سكن في مدينة الخليل. والقاعدة الصخرية للحرم الإبراهيمي التي لاتزال تشاهد تحت أسوار المبنى الذي شيده الحاكم الروماني هيرودوس تحتضن قبره.




وهذا مايقوله رئيس الحملة الآركيولوجية في المنطقة الدكتور آفي عوفر موضحاً الرأي العلمي الآركيولجي بخصوص إبراهيم وضريحه:

"... هذا المكان [مشيراً إلى الحرم الإبراهيمي] هو مقبرة هذه المدينة خلال الحقبة الكنعانية، وهي منبع التراث [المتناقل] عن إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وهو ليس [أي هذا التراث] تاريخي".

فهل توجد أي أدلة آركيولوجية تثبت وجود إبراهيم وعائلته؟ يجيب آفي عوفر على هذا السؤال بقوله:

"لايوجد إبراهيم تاريخي بالمعنى الدقيق، إنما هناك الإبراهيم التراثي الذي نقرأ عنه في الإنجيل والذي لايمت بصلة أبداً إلى التاريخ الحقيقي. إنما قد يكون هناك جد قديم للقبائل الموجودة هنا يسمى إبراهيم، ولكننا لانعرف أي شيئ عنه سوى إسمه".

ويضيف فينكلستاين قائلاً:

"ربما كان الآباء [إبراهيم وإسحاق ويعقوب] شخصيات حقيقية تحولت خلال العصور إلى شخصيات أسطورية، أو ربما هم شخصيات خرافية تماماً. نحن لانعرف، ومن المحتمل أننا لن نعرف [حقيقتهم] أبداً".

كما يضيف سيلبرمان رأيه عن إبراهيم بقوله:

"لقد وصلنا إلى طريق آركيولوجي مسدود فيما يتعلق بإبراهيم. فلاتوجد إي أدلة إطلاقاً تثبت أن إبراهيم شخصية تاريخية. ولكنه شخصية بارزة في سفر التكوين ... فما نراه [إذاً] في شخصية إبراهيم هو رمز يمثل ولادة أمة".


يتبع ...