الاثنين، 21 مارس 2011

آدم خرج من بُركة

::
قلت في البوست السابق أن إستفتاء التوجهات العقائدية الموجود في أعلى الهامش يمثل، بقدر من الدقة، نسبة المؤمنين والملحدين لقراء هذه المدونة، وبالتالي يعكس نسبتهم الكامنة ضمن مجتمعاتنا الإسلامية، وإن كان بقدر غير معروف من الدقة إنما ذكرت أيضاً أنه يدنوا من المعدل الصحيح مع إرتفاع عدد المتجاوبين.

والإستفتاء الثاني الموجود تحته مرتبط به بشكل قوي ويعكس بدوره حجم الشريحة الموجودة في المجتمعات الإسلامية التي لاتزال تؤمن بأن البشر ينحدرون من شخصين فقط، آدم وحواء، وهي شريحة تمثل 45% من نسبة القراء. وكما ترون فهي قريبة جداً من نسبة الـ 50% من عدد المسلمين اللذين شاركوا في الإستفتاء الأول، وربما تعكس أيضاً حجم الشريحة الخلقية (أي اللتي تؤمن بأن الإنسان خلق ولم يتطور) الموجودة ضمن مجتمعاتنا الإسلامية بشكل عام.

هذا التقارب الشديد بين نسبة المؤمنين في الإستفتاء الأول والتي تبلغ 53% (وتمثل الأديان المذكورة في الإستفتاء) ونسبة الخلقيين في الإستفتاء الثاني 45%، يشير إلى أن رفض نظرية التطور، وبالتالي دلائل تطور البشر، ينطلق في حقيقته من قاعدة دينية وليست علمية كما يحاول الكثير تبرير موقفهم بالإحتجاج بها ...

مما يشير أيضاً إلى دور المؤسسات الدينية في تشويه الثقافة العلمية الصحيحة وتخريب المناهج التربوية وبالتالي ترسيخ التخلف الفكري الذي عانت منه مجتمعاتنا عبر العصور ولاتزال تعاني منه إلى اليوم. فلماذا تقبل نظرية الجاذبية مثلاً وترفض نظرية التطور؟ لأسباب دينية بحتة لاغير، فالأولى لاتتعارض من النص والثانية تناقضه، وما يتعارض مع النص فهو مرفوض، بصرف النظر عن إهميته العلمية والتطبيقية أو قوة الدلائل التي تسنده.

الجدول أدناه يمثل 34 دولة، منها 31 دولة أوربية (مع إستثناء تركيا، كونها دولة أوروبية/آسيوية، والولايات المتحدة واليابان). لاحظوا العلاقة مابين مستوى الإزدهار والتحضر للدول الممثلة فيه والتدرج في زيادة نسبة القابلين للنظرية في تلك الدول، فكلما ازداد التحضر إزداد قبول النظرية.

هذا حتماً لايعني أن العلاقة سببية في طبيعتها، أي أن التحضر بحد ذاته لايسبب قبول النظرية بالضرورة وقبول النظرية لايسبب بالضرورة التحضر، إنما نستطيع أن نعتبر أن العلاقة هي مؤشر نستدل منه على أن إرتفاع مستوى العلمانية واللادينية والذي يؤدي إلى إرتفاع نسبة قبول النظرية في تلك المجتمعات يقترن بارتفاع مستوى التحضر والتقدم فيها (والإستثناء هو الولايات المتحدة التي تعاني من وضع دين نشاز بين الدول المتقدمة).

فالدول العشرة الأولى في قمة الجدول هي أكثر الدول الأوروبية تحضراً وإزدهاراً، وتحتوي على أكبر نسبة لقبول النظرية. وبالمقابل فإن آخر عشرة دول في الجدول هي أقل الدول الأوربية تحضراً وتقدماً وهي أكثر الدول رفضاً للنظرية. ولاحظوا أيها القراء الأعزاء أي دولة تقع في قاع اللائحة:

تركيا .... الإسلامية.

وهذا الترتيب ليس بغريب، لأن إزالة الهيمنة الدينية من المؤسسات التربوية الثقافية، كما جرى في الدول العلمانية التي تحتل رأس القائمة، لابد أنها تفك قيود تلك الهيمنة المفروضة على المناهج التربوية وتطلق العنان للعلم لينتعش ويزدهر في تلك المجتمعات، كما تمليه مكوناته واستكشافاته وليس كما يحدده منخل الرقابة الدينية فيعزل منه ماتشاء ويسمح بما تشاء.

والدراسات العلمية تثبت بأن الإنسان قد انبثق من بركة جينات  Gene pool  تتركب من مجموعة من الأفراد تناسلت مع بعضها وليس من شخصين فقط، وإذا لم تستسغ بعض العناصر الدينية هذه الحقيقة وحاولت تحريمها ومنع تدريسها، فعلى المؤسسات التربوية الثقافية التي تقع على عاتقها مسؤولية تخريج أجيال قادرة على دفع عجلة التقدم والرقي في مجتمعاتنا أن تتجاهل هذا التحريم وأن تدرس العلم كاملاً صحيحاً كما يدرس في الدول التي تحاول مجتمعاتنا مواكبتها ... وليس كما تمليه أهواء الخطباء في المسجد.


اللون الأزرق من الشريط يمثل نسبة القابلين النظرية واللون البيجي نسبة الغير متأكدين منها والأحمر نسبة الرافضين لها

(الإثنين 21.3.2011 - التطوريون  92  42% ، التطوريون المؤمنون 26  12% ، الخلقيون 97  45%)

* * * * * * * * * *

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

موضوعك وايد جميل احنا لو نفتك من المتدينين المقدسين انفسهم ومسويين انفسهم اوصياء علي عقولنا يعني احنا قصر واهم بس اللى يفكرون بنيابه عنا لا ويفهمون كل شئ وهم في الحقيقه مجموعه من المتخلفين الفاسدين البرابره الهمج ويبون الناس يعشون مثلهم شنقول التطور صاير سواء رضي الهمج المتدينين او لم يرضو وعساهم مايرضون المتخلفين

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي/عزيزتي غير معرف/ة ،،

فعلاً، نسبة كبيرة من خلايا المخ عند الكثير من المواطنين في مجتمعاتنا تعاني من مشكلة البطالة بسبب عدم الحاجة إلى خدماتها. فالتفكير في كثير من أمور الحياة عند هؤلاء المواطنين يحال في العادة إلى نخبة صغيرة من الذين نصبوا أنفسهم وكلاء وأصياء على تفكير البشر ليقوموا بتلك المهمة بالنيابة عنهم.

ولك تحياتي

غير معرف يقول...

هذه من الامور العلمية المعقدة والتي الى الان لم يثبت العلم فيها بشكل قاطع ولكن يقدم فيعا نظريات قد تكون مقبولة وصحيحة ولا ارى اي تعارض بين التطور والاديان بشكل عام فالاديان شرحت الخلق بشكل عابر وليس بالتفصيل والتفصيل يتضمن التطور

والله اعلم